نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 363
إخوانا، و كل خدن و صاحب لا يوازرك على مسرتي فهو لك عدو. و في خبر غيره عن
داود عليه السلام أنّ الله سبحانه و تعالى أوحى إليه: يا داود ما لي أراك
منتبذا وحدانا، قال: إلهي قليت الخلق من أجلك. فأوحى الله عزّ و جلّ إليه:
يا داود كن يقظان مرتادا لنفسك إخوانا، فكل خدن لا يوافقك على مسرّتي فلا
تصحبه، فإنه لك عدو و يقسي قلبك و يباعدك مني.
و قد روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: كونوا مؤلفين و لا تكونوا
منفرين. و في الحديث: إنّ أحبكم إلى الله عزّ و جلّ الذين يألفون و يؤلفون،
و إنّ أبغضكم إلى الله عزّ و جلّ المشاءون بالنميمة، المفرقون بين
الإخوان. و في أخبار داود صلى الله عليه و سلم أنه قال: يا ربّ كيف لي أن
يحبني الناس كلهم و أسلم فيما بيني و بينك، قال: خالق الناس بأخلاقهم و
أحسن فيما بيني و بينك. و في بعضها: خالق أهل الدنيا بأخلاق الدنيا، و خالق
أهل الآخرة بأخلاق الآخرة، قال الشعبي عن صعصعة بن صوحان أنه قال لابن
أخيه زيد: أنا كنت أحبّ إلى أبيك منك، و أنت أحبّ إليّ من ابني، خصلتان
أوصيك بهما فاحفظهما: خالص المؤمن مخالصة و خالق الفاجر مخالقة، فإن الفاجر
يرضى منك بالخلق الحسن و أنه لحق عليك أن تخالص المؤمن. و قد قال أبو
الدرداء قبله: إنّا لنشكر في وجوه أقوام و إنّ قلوبنا لتلعنهم، فمعنى هذا
على الثقة و المداراة ليدفع بذلك شره و أذاه، كما جاء في تفسير قوله تعالى:
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [فصلت: 34]. قيل السلام: فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت: 34]. و
كان ابن عباس يقول في معنى قوله عزّ و جلّ:
وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ [الرعد: 22]. قال: يدفعون الفحش و
الأذى و هو السيّئة بالسلام، و المداراة و هو الحسنة، و قد كان أفضل
الحسنات إكرام الجلساء، و منه قوله عزّ و جلّ: وَ لَوْ لا دَفْعُ الله
النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [البقرة: 251]. قيل بالرغبة و الرهبة و
الحياء و المداراة، و كذلك معنى قولهم: خالص المؤمن و خالق الفاجر
فالمخالصة بالقلوب من المودة و اعتقاد المؤاخاة في الله عزّ و جلّ، و
المخالفة المخالطة في المعاملة و المبايعة، و عند اللقاء. و كذلك جاء
مفسرا: خالطوا الناس بأعمالهم و زايلوهم في القلوب. و قد قال محمد بن
الحنفية بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم: ليس بحكيم من لم يعاشر
بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدّا، حتى يجعل الله عزّ و جلّ له منه فرجا،
فمعاملة غير تقي و مكالمته من أحوال الاضطرار، و معاشرة التقي و مصافاته
من حسن الاختيار.
و في أخبار موسى عليه السلام فيما أوحى الله عزّ و جلّ إليه، إن أطعتني فما
أكثر إخوانك من المؤمنين، المعنى: إن واسيت الناس و أشفقت عليهم و سلم
قلبك لهم و لم تحسدهم، كثر إخوانك. و يقال إنّ أحد الأخوين في الله عزّ و
جلّ إذا مات قبل صاحبه.
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 363