نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 328
و أحسن منه تيه الفقير على الغني ثقة باللَّه عزّ و جلّ. و من فرائض الفقر
أن لا يسكت الفقير عن حقّ، و لا يتكلم بهوى لأجل دوام العطاء من أحد، و لا
لاجتلاب نفع، فإن ذلك وليجة في الدين و مداهنة للمؤمنين. و من فضائل الفقر
أن لا يدّخر لأكثر من أربعين يوما، و لا يكون المدّخر أكثر من أربعين
درهما. و الأصل في ذلك أنّ الله تبارك و تعالى قال عزّ من قائل: وَ إِذْ
واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [البقرة: 51]. فإذا فسح له في تأميل
أربعين فالادّخار من الأمل، فإن أمل حياة أربعين يوما جاز له أن يدّخر
لأربعين، و من قصر أمله إلى يوم و ليلة لم يدّخر إلّا ليومه و ليلته، فترك
الادخّار مقتضى قصر الأمل. و قد جعل غنى الفقير في أربعين درهما فهذا لعموم
الفقراء. فأما خصوصهم فإن غناءهم غداء يوم أو عشاء ليلة لقصر أملهم، كما
جاء في الحديث الذي ذكرناه آنفا: استغنوا بغنى الله عزّ و جلّ. قيل:
و ما غنى الله تبارك و تعالى؟ قال: غداء يوم أو عشاء ليلة. و من فضل الفقير
أن لا يهتم برزق غد كما إن الله تبارك و تعالى لا يطالبه بعمل غد قبل
مجيئه، و لأنّ الرزق معلوم مقسوم و الوكيل حفيظ قيوم، و أن يكون راضيا
بفقره شاكرا عليه و يغتبط بالفقر لعظيم نعمة الله عزّ و جلّ عليه فيه، و
يخاف أن يسلب فقره أشد من خوف الغني أن يسلب غناه لشدة اغتباطه به.
و في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: يا معشر الفقراء أعطوا الله
عزّ و جلّ الرضا من قلوبكم تظفروا بثواب فقركم و إلّا فلا. و روى عبد
الرحمن بن سابط عن عليّ عليه السلام عن النبي صلى الله عليه و سلم في حديث
طويل: أحب العباد إلى الله عزّ و جلّ الفقير القانع برزقه، الراضي عن الله
عزّ و جلّ، و ينبغي أن يغتمّ بالاتّساع و يفرج بالضيقة و المصيبة، و يحبّ
المساكين و يفضّلهم على أبناء الدنيا، و يرحم الأغنياء و لا يذمّهم لأجل
غناهم، و يؤثر الفقراء، و يقربهم و يحسن على الفقير خلقه، و يحمل معه صبره،
و يستر بالتعفف فقره، و يظهر الغنيّ و لا يكشف فقره بالتكرّه له و الشكوى.
في الخبر عن الله عزّ و جلّ: إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار
الصالحين، و إذا رأيت الغنيّ مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته. و قال موسى: يا رب
من أحباؤك من خلقك حتى أحبّهم لأجلك؟ فقال: كل فقير فقير التكرار فيه
لمعنيين، أحدهما المتحقق بالفقر، و الثاني الشديد الحاجة و الضرّ. و قال
عيسى صلى الله عليه و سلم إني لأحب المسكنة و أبغض الغنى. و قيل: كان من
أحبّ أسمائه إليه أن يقال له: يا مسكين. و قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم في دعائه الذي تلقاه من ربه و أمره به: أسألك الطيّبات، و فعل الخيرات،
و حبّ المساكين، و مما يعتبر به فضل الفقر على الغني أنّ أفضل الخلق رسول
الله صلى الله عليه و سلم.
فمن شاركه و قارنه بمعنى وصفه فهو الأفضل لأنه الأمثل فالأمثل و هم
الفقراء، وصفهم الله
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 328