نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 282
ذكر رياضة المريدين في المأكول و فضل الجوع و طريقة السلف في التقلّل و
الأكل
كان أبو ذر يقول في بعض إنكاره: قد غيرتم بنخلكم الشعير و لم يكن منخل، و
خبزتم المرقق و جمعتم بين أدمين، و اختلف عليكم بألوان الطعام و غدا أحدكم
في ثوب، و رجع في آخر، و لم يكونوا هكذا في عهد رسول الله صلى الله عليه و
سلم. و كان يقول: قوتي في كل جمعة صاع من شعير و الله العظيم لا أزيد عليه
حتى ألقاه، فإني سمعته يقول صلى الله عليه و سلم: أحبّكم إلىّ و أقربكم مني
مجلسا يوم القيامة من مات على مثل ما تركته عليه. و قد كان قوت جماعة من
الصحابة صاع من حنطة في كل جمعة، فإذا أكلوا التمر اقتاتوا صاعا و نصفا.
و كان قوت أهل الصفة مدّ من تمر بين اثنين في كل يوم، و المدّ رطل و ثلث. و
كان الحسن يقول: المؤمن مثل العنيزة يكفيه الكف من الحشف، و القبضة من
السويق، و الجرعة من الماء. و المنافق مثل السبع سرطا سرطا و بلعا بلعا، لا
يطوي بطنه لجاره، و لا يؤثر أخاه بفضله، وجهوا هذه الفضول أمامكم. و كان
أبو يزيد البسطامي يقول: إذا وجد الفقير الماء سقط عنك فرضه.
و في الحديث المشهور العام: المؤمن يأكل في معي واحد و المنافق يأكل في
سبعة أمعاء، هذا على التمثيل في الاتساع و الكثرة، أي يأكل أضعاف أكل
المؤمن. فكان المؤمن يأكل سبع أكل المنافق. و العرب ترفع في ذكر ضعف الشيء
و إضعافه إلى سبعة.
و قد فسّر ذلك عالمنا أبو محمد سهل فقال: معنى يأكل في سبعة أمعاء، أحدها
شره، و طمع، و حرص، و رغبة، و غفلة، و عادة، أي فالمنافق يأكل بهذه
المعاني، و المؤمن يأكل بمعنى الفاقة، و الزهد، و لهذا كان يقول: لو كانت
الدنيا دما غبيطا كان قوت المؤمن منها حلالا، لأن أكل المؤمن عنده ضرورة
للقوام. و من الناس من يضيف هذا الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و
هو مخطئ في ذلك، إنما هو كلام إمامنا سهل بن عبد الله التستري رحمه الله.
و قد سئل عن قوت المؤمن فقال: قوته الله تعالى. قال: سألت عن قوامه، فقال:
الذكر فقال: إنما سألت عن غذائه. فقال: غذاؤه العلم. قلت: سألت عن طعمة
الجسم. فقال:
ما لك و الجسم، دع الجسم على من تولاه قديما يتولاه الآن. ثم قال: الجسد
صنعة إذا عابت ردّها إلى صانعها، و سئل أيضا عن الحلال. فقال: ما لم يعص
الله في أوله و لم ينس في آخره. و ذكر عند تناوله و شكر بعد فراغه. و كان
يقول: القوت للمؤمنين و القوام للصالحين، و الضرورة للصدّيقين. و من كان ذا
معلوم فالمستحبّ له أن لا يزيد على رغيفين في يوم و ليلة، و ليجعل بينهما
وقتا طويلا مرة و قصيرا أخرى على حسب الحاجة و توقان النفس إلى الغذاء، لا
على طرد العادة و الشهوة. و الرغيف ستة و ثلاثون لقمة يكون
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 282