نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 1 صفحه : 336
الجهل بالنعمة و ترك الشكر. فعند ذلك يغفر له و يكون عنده مأواه ثم ينقل
إلى الانفراد ثم الثبات ثم البيان ثم القرب ثم المعرفة ثم المناجاة ثم
المصافاة ثم الموالاة ثم محادثة السر و هو الخلّة. و لا يستقر هذا في قلب
عبد حتى يكون العلم غذاءه و الذكر قوامه و الرضا زاده و التفويض مراده و
التوكل صاحبه. ثم ينظر الله تعالى إليه فيرفعه إلى العرش فيكون مقامه مقام
حملة العرش و كان يقول العبد لا بدّ له من مولاه على كل حال. و أحسن حاله
أن يرجع إليه في كل شيء إذا عصي يقول: يا رب استر علي فإذا فرغ من المعصية
قال: يا ربّ تب عليّ فإذا تاب قال يا ربّ ارزقني العصمة فإذا عمل قال: يا
ربّ تقبّل مني. و من أحسن ما يتعقب الذنب من الأعمال بعد التوبة و حلّ
الإصرار مما يرجى به كفارة الخطيئة ثمانية أعمال: أربعة من أعمال الجوارح و
أربعة من أعمال القلوب. فأعمال الجوارح أن يصلي العبد ركعتين ثم يستغفر
سبعين مرة.
و يقول: سبحان الله العظيم و بحمده مائة مرة ثم يتصدق بصدقة و يصوم يوما.
و أعمال القلوب هي اعتقاد التوبة منه و حبّ الإقلاع عنه و خوف العقاب عليه و
رجاء المغفرة له. ثم يحتسب على الله تعالى بحسن ظنه و صدق يقينه كفّارة
ذنبه. فهذه الأعمال قد وردت بها الآثار، إنها المكفرة للزلل و العثار. و قد
يشترط في بعضها فيتوضأ و يسبغ الوضوء و يدخل المسجد فيصلّي ركعتين و في
بعض الأخبار فيصلّي أربع ركعات.
قال: و يقال إذا أذنب العبد أمر صاحب اليمين صاحب الشمال و هو أمير عليه أن
يرفع القلم عنه ست ساعات فإن تاب و استغفر لم يكتبها عليه و إن لم يستغفر
كتبها. و يقال صدقة الليل تكفّر ذنوب النهار و صدقة السرّ تكفّر ذنوب
الليل. و في بعض الأخبار إذا علمت سيئة فأتبعها حسنة تكفرها السرّ بالسرّ و
العلانية بالعلانية. و في أخبار متفرقة جمعناها: ما من يوم طلع فجره و لا
ليلة غاب شفقها إلا و ملكان يتجاوبان بأربعة أصوات يقول أحدهما: يا ليت هذا
الخلق لم يخلقوا و يقول الآخر: و يا ليتهم إذ خلقوا علموا لما ذا خلقوا
فيقول الآخر:
يا ليتهم إذ علموا لما ذا خلقوا عملوا بما علموا. و في بعضها: تجالسوا
فتذاكروا ما علموا فيقول الآخر: و يا ليتهم إذ لم يعملوا بما علموا تابوا
مما عملوا. فأول ما يجب للَّه عزّ و جلّ على عبده أن لا يعصيه بنعمه لئلا
تكون معصيته كفرانا لنعمته و جوارح العبد و ما له من نعم الله تعالى لأن
قوام الإنسان بجوارحه و ثبات جوارحه بالحركة و منافع الحركة بالعافية، فإذا
عصاه بالنعمة فقد بدلها كفرا. كما قال تعالى: بَدَّلُوا نِعْمَتَ الله
كُفْراً [إبراهيم: 28] قيل: استعانوا بها على معاصيه ثم توعد على التبديل
بالعقاب الشديد فقال: وَ من يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءَتْهُ
فَإِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقابِ [البقرة: 211].
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 1 صفحه : 336