responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 1  صفحه : 248
يخشك و ما حكم من لم يؤمن بك. و قد سمّى عبد الله بن رواحة العلم إيمانا فكان يقول لأصحابه: اقعدوا بنا نؤمن ساعة فيتذاكرون علم الإيمان و قد جعل الله للمؤمنين سمعا و بصرا و قلبا. و هذه طرائق العلم التي يؤخذ العلم منها و يوجد بها و هي أصول العلم و النعم التي أنعم الله على الخلق بها و طالبهم بالشكر عليها. فقال سبحانه: وَ الله أَخْرَجَكُمْ من بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل: 78]. فأثبت العلم بها بعد النفي بها له. و قال تعالى في وصف من لم يكن مؤمنا و نفي الغنية بالعلم بها: وَ جَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَ أَبْصاراً وَ أَفْئِدَةً فَما أَغْنى‌ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَ لا أَبْصارُهُمْ وَ لا أَفْئِدَتُهُمْ من شَيْ‌ءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ الله [الأحقاف: 26]. فمن آمن بآيات الله تعالى أغنى عنه سمعه و بصره و قلبه فكانت طرق العلم إليه. و قال عزّ و جلّ في معنى ذلك أيضا: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ به عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا [الإسراء: 36]. فلو لا أن العلم يقع بالسمع و البصر و القلب ما نهى عما لا يعلم هذه الأشياء ففي النهي عن قفو ما لا يعلم هذه الأواسط و يتبعه إثبات العلم بها فكل مؤمن هو ذو سمع و بصر و قلب فهو عالم بفضل الله و رحمته. و مما فضل الله تعالى به هذه الأمة على سائر الأمم و خصها به ثلاثة أشياء: تبقية الإسناد فيهم يأثره خلف عن سلف متصلا إلى نبينا محمد صلّى الله عليه و سلم و إلى من خلا من علمائنا و إنما كانوا فيهم يستنسخون الصحف كلما اختلقت صحيفة جددت فكان ذلك أثرة العلم فيهم، و الثاني حفظ كتاب الله تعالى المنزل عن ظهر غيب. و إنما كانوا يقرءون كتبهم نظرا و لم يحفظ جميع كتاب أنزله الله تعالى قط غير كتابنا هذا إلا ما ألهمه الله تعالى عزيرا من التوراة بعد أن كان بخت‌نصر أحرق جميعها عند إحراق بيت المقدس. فلذلك قال سبط من اليهود إنه ابن الله تعالى عزّ عن ذلك علوا كبيرا لما خصه به و أفرده من حفظ جميع التوراة، و الثالث أن كل مؤمن من هذه الأمة يسئل عن علم الإيمان و يسمع قوله و يؤخذ من رأيه و علمه مع حداثة سنه و لم يكونوا فيما مضى يسمعون العلم إلا من الأحبار و القسيسين و الرهبان لا غير من الناس، و زادها رابعة على أمة موسى صلّى الله عليه و سلم ثبات الإيمان في قلوبهم لا يعتريه الشك و لا يختلجه الشرك مع تقليب القلوب في المعاصي. و كانت أمة موسى عليه السلام تتقلب قلوبهم في الشك و الشرك كما تتقلب جوارحهم في المعاصي، فلذلك قالوا: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة بعد أن رأوا الآيات العظيمة من انفلاق البحر و سلوكهم فيه طرائق و أنجاهم من الغرق و أهلك فرعون.

نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 1  صفحه : 248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست