نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 1 صفحه : 247
الجهال يشبهون عموم العلماء فهم يشتبهون على العامة حتى يحسبوهم علماء و هم
مكشوفون عند العلماء باللّه تعالى و كذلك العارفون يشتبهون على عموم
العلماء و هم ظاهرون للموقنين. و قال بعض العلماء: العلم علمان، علم
الأمراء و علم المتقين. فأما علم الأمراء فهو علم القضايا و أما علم
المتقين فهو علم اليقين و المعرفة.
و قد قال الله سبحانه في وصف علم المؤمنين و ذكر علم الإيمان: يَرْفَعِ
الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ
[المجادلة: 11]. فجعل المؤمنين علماء فدل على أن العلم و الإيمان لا
يفترقان و الواو هنا عند أهل اللغة للمدح لا للجمع. العرب إذا مدحت
بالأوصاف أدخلت الواو للمبالغة فقالوا: فلان العاقل و العالم و الأديب. و
مثل هذا قوله تعالى: لكِنِ الرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ
الْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ من
قَبْلِكَ وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ [النساء:
162] كله نعت. فالمؤمنون هم الراسخون في العلم و هم المقيمون و المؤتون
أيضاً و كلهم وصف الراسخون في العلم و لذلك انتصب قوله و المقيمين الصلاة
لأنه مدح و العرب تنصب و ترفع بالمدح و بمعناه قوله تعالى: وَ
الرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا به [آل عمران: 7]. فوصف
العلماء بالإيمان كما وصف المؤمنين بالعلم و كذلك قوله تعالى: وَ قالَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ [الروم: 56]. و من هذا حديث أنس
عن النبي صلّى الله عليه و سلم: أمتي خمس طبقات كل طبقة أربعون عاما
فطبقتي و طبقة أصحابي أهل العلم و الإيمان و الذين يلونهم إلى الثمانين
البر و التقوى و الذين يلونهم إلى مائة و عشرين أهل التواصل و التراحم.
فقرن العلم بالإيمان و قدمهما على سائر الطبقات.
و قد قرن الله سبحانه الإيمان بالقرآن و هو علم: كما قرن القرآن بالإيمان
كما قال تعالى: كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ
مِنْهُ [المجادلة: 22]. قيل القرآن و تكون الهاء عائدة إلى الله تعالى في
أكثر الوجوه. كما قال: ما كُنْتَ تَدْرِي ما الْكِتابُ وَ لا الْإِيمانُ وَ
لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً [الشورى: 52]. فأهل الإيمان هم أهل القرءان و أهل
القرآن أهل الله و خاصته. و قال المهدي لسفيان بن الحسين لما دخل عليه و
كان أحد العلماء أمن العلماء أنت فسكت فأعاد عليه فسكت فقيل: ألا تجيب أمير
المؤمنين؟ فقال: يسألني عن مسألة لا جواب لها. إن قلت لست بعالم و قد قرأت
كتاب الله تعالى كنت كاذبا و إن قلت إني عالم كنت جاهلا. و قال أبو جعفر
الرازي عن الربيع عن أنس في قوله: إِنَّما يَخْشَى الله من عِبادِهِ
الْعُلَماءُ [فاطر: 28]. قال: من لم يخش الله تعالى فليس بعالم ألا ترى أن
داود صلّى الله عليه و سلم قال ذلك بأنك جعلت العلم خشيتك و الحكمة و
الإيمان بك فما علم من لم
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 1 صفحه : 247