نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 1 صفحه : 246
المقام الثالث من اليقين
و هو يقين ظن يقوى بدلائل العلم و الخبر و أقوال العلماء و يجد هؤلاء
المزيد من الله تعالى و النصيب منه لهم و يضعف بفقد الأدلة و صمت القائلين و
هذا يقين الاستدلال و علوم هذا في المعقول و هو يقين المتكلمين من عموم
المسلمين من أهل الرأي و علوم العقل و القياس و النظر و كل موقن باللّه
تعالى فهو على علم من التوحيد و المعرفة و لكن علمه و معرفته على قدر يقينه
و يقينه من نحو صفاء إيمانه و قوّته و إيمانه على مقتضى معاملته و رعايته.
فأعلى العلوم علم المشاهدة عن عين اليقين و هذا مخصوص للمقربين في مقامات
قربهم و محادثات مجالستهم و مأوى أنسهم و لطيف تملقهم. و أدنى العلوم علم
التسليم و القبول بعدم الإنكار و فقد الشكوك و هذا لعموم المؤمنين و هو من
علم الإيمان و مزيد التصديق و هذا لأصحاب اليمين. و بين هذين مقامات لطيفات
من أعلى طبقات المقربين إلى أوسط المقامات و من أدنى طبقات أصحاب اليمين
إلى أعلى أواسط الأعلين.
ذكر بيان تفضيل علوم الصمت و طريق الورعين في العلوم
و روينا في الخبر: العلم ثلاثة، كتاب ناطق، و سنة قائمة، و لا أدري. و عن
الشعبي أنه قال: لا أدري. نصف العلم يعني أنه من الورع و كان الثوري رضي
الله عنه يقول: إنما العلم الرخصة من ثقة فأما التشديد فكل أحد يحسنه يعني
أن التورع و التوقف في الأمور هو سيرة المؤمنين و إن لم يكونوا علماء لأن
الورع هو الجبن عن الإقدام و الهجوم على الشبهات و الوقوف عند المشكلات
بسكون أو سكوت. و اليقين هو الإقدام على الأشياء ببصيرة و تمكين و القطع
بالأمر على علم و خبر فهذا صفة العلماء الموثوق بعلمهم لا يحسنه سواهم كما
قال علي عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية و قدمه أمامه يوم الجمل و جعل
يقول له: أقدم أقدم و محمد يتأخر و هو يركزه بقائم رمحه. فالتفت إليه محمد
ابنه فقال:
هذا و الله الفتنة المظلمة العمياء فوكزه عليّ برمحه. ثم قال: تقدم لا أم
لك أ تكون فتنة أبوك قائدها و سائقها و المرء إذا قال: لا أدري فقد عمل
بعلمه و قام بحاله فله من الثواب بمنزلة من درى فقام بحاله و عمل بعلمه
فأظهره. فلذلك كان قول لا أدري نصف العلم و لأن حسن من سكت لأجل الله تعالى
تورعا كحسن من نطق لأجله بالعلم تبرعا. و قال علي بن الحسين و محمد بن
عجلان: إذا أخطأ العالم قول لا أدري أصيبت مقالته. و قاله مالك و الشافعي
بعدهما و اعلم أن مثل العلم و الجهل في تفاوت الناس فيهما مثل الجنون و
العقل و المجانين طبقات، كالعقلاء طبقات، و كذلك الجهال طبقات كالعلماء
فخصوص
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 1 صفحه : 246