نام کتاب : اعلام النساء المؤمنات نویسنده : الحسّون، محمد جلد : 1 صفحه : 788
عليها تشاهد هذا المشهد المؤلم وما تلاه من تعسّفات الحاكمين ،
فخرجت وأنكرت عليهم بخطبتها العصماء في مسجد أبيها صلى الله عليه وآله وسلم
، منبّهة المسلمين على جناية القائمين بالأمر وتعدّيهم ، وقد هزّت خطبتها
المسلمين ، وكادت أن تزلزل باُولي الأمر ، لولا تدارك أبي بكر للموقف .
وعادت الصدّيقة صلوات الله عليها إلى منزلها منكسرة من النصرة ،
وبدا لأبي بكر أن يغيّر الموقف ، فهو كما عهد فيه يحسن استعمال اللين كما
يحسن استعمال الشدّة ، فقد احتمل أن تأتي فاطمة عليها السلام مرّة اُخرى
وتخطب ، وربما لا يحالفه الحظ في الهيمنة على الموقف واستعمال المغالطة كما
حالفه في هذه المرة ، فرأى أن يتوعّد ويتهدّد .
وفعلاً فقد تكلّم أبوبكر وتطاول على فاطمة الزهراء سلام الله عليها ،
كما تطاول على مقام الإمام علي عليه السلام مستعملاً الكناية دون التصريح ،
ولم يجرأ أحد على الإنكار عليه لشدّة اللهجة وخشية الصولة .
ولكن اُم سلمة رضي الله عنها كانت وحدها التي أنكرت عليه ، قالت له :
ألمثل فاطمة يقال هذا ؟! وهي والله الحوراء بين الإنس ، والآنس
للنفس ، ربّيت في حجور الأنبياء ، وتناولتها أيدي الملائكة ، ونمت في
المغارس الطاهرات ، ونشأت خير منشأ ، وربيت خير مربى .
أتزعمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرّم عليها ميراثه ولم يُعلمها ؟! وقد قال الله ﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾
[1] ، فأنذرها وجاءت تطلبه وهي خيرة النسوان ، و اُم سادة الشباب ، وعديلة
ابنة عمران ، وحليلة ليث الأقران ، تمّت بأبيها رسالات ربه ، فوالله لقد
كان يشفق عليها من الحر والقر ، فيوسّدها بيمينه ويدثّرها شماله ، رويداً
فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمرأى لأعينكم ، وعلى الله تردّون ،
فواهاً لكم وسوف تعلمون .
وخشي أبوبكر أن يجيبها فيفتح باباً هو في غنى عن فتحه ، لكنّه حرمها عطاءها ذلك العام