نام کتاب : رسائل الشهيد الثاني نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 2 صفحه : 824
و أنّكَ في مخالطتك و خلواتِك متردّد بين يديه، فلا يَسكُنُ في المُلك و الملكوت ساكن، و لا يتحرّك متحرّك إلا و جبّار السماواتِ مطّلِع عليه.
فتأدّب أيّها المسكين ظاهراً و باطناً بين يدي الله تعالى تأدّبَ العبد الذليل في حضرَةِ القاهِرِ القادِرِ، و اجتَهِدْ أنْ لا يَراك مولاك حيث نهاك، و لا يفقِدك حيث أمَرَكَ، [1] فذلك هو التقوى التي أمر الله تعالى بها، و رتّب عليها في كتابه الكريم فوائدَ كثيرةً إِنَّ اللّٰهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ[2]وَ مَنْ يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لٰا يَحْتَسِبُ[3].
[توزيع أوقات العمر على الطاعة]
و لا يَتِمّ لك ذلك إلا بأنْ تحفَظ عمرَك القصير، بأنْ تُوَزّعَ أوقاتَك، و تُرَتّبَ أورادَك من صَباحِك إلى مسائك، فأصْغِ إلى ما يُلقى إليك من أوامِرِ الله تعالى، فإذا استْيقَظْتَ مِنْ مَنامِك فاجتَهِدْ أنْ تستيقظَ قبلَ طلوع الفجر، و لْيَكُنْ أوّلُ ما يجري على قلبك و لسانك ذِكرَ الله تعالى، و قُل عند ذلك:
الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتَنا و إليه النشور، أصْبَحْنا و أصبح الملك لله، و العَظَمَة لله، و السلطان لله، و العِزّة لله، و القُدرة لله، أصْبَحْنا على فِطرة الإسلام، و على كَلِمة الإخلاص، و على دين نبيّنا محمّدٍ (صلّى الله عليه و آله و سلّم)، و على مِلّة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً و ما كان من المشركين.
اللهمّ إنّا نسألك إن تَبعَثَنا في هذا اليوم إلى كلّ خيرٍ، و نعوذ بك أنْ نجترحَ فيه سوءاً و نجرّه إلى مسلمٍ بقولٍ أو عملٍ، نسألك خيرَ هذا اليوم و خيرَ ما فيه، و نعوذ بك من شرِّه و شرّ ما فيه.
[1] في «بحار الأنوار» ج 70، ص 285، باب الطاعة و التقوى و الورع، ذيل ح 8: «و سئل الصادق (عليه السلام) عن تفسير التقوى، فقال: أن لا يفقدك الله حيث أمرك، و لا يراك حيث نهاك».