و ورد أيضاً أنّ أفضلَ الصلواتِ اليوميّةِ الصلاةُ الوسطى التي خصّها الله تعالى من بينِها بالأمرِ بالمحافظةِ عليها بعد أنْ أمر بالمحافظةِ على سائرِ الصلواتِ المقتضي لمزيدِ العنايةِ بها و شدّةِ الاهتمامِ بفعلها، و أصحّ الأقوال أنّ الصلاةَ الوسطى هي صلاةُ الظهر، و صلاةُ الظهر يومَ الجمعةِ هي صلاةُ الجمعةِ على ما تَحقّق [2]، أو هي أفضلُ فردَيها على ما تقرّر، و قد ظهر من جميعِ هذه المقدمات القطعيّة أنّ صلاةَ الجمعة أفضلُ الأعمالِ الواقعةِ من المكلّفين بعدَ الإيمانِ مطلقاً، و أنّ يومَها أفضلُ الأيّام [3]. فكيف يسعُ الرجلَ المسلمَ الذي خلقَه اللهُ تعالى لعبادتِه و فضّلَه على جميعِ بريّته و بَيّن له مواقعَ أمرِه و نهيه و عرّضه بذلك للسعادةِ الأبديّة و الكمالات النفسيّة السرمديّة، و أرشده إلى هذهِ العبادةِ المعظّمةِ السنِيّة، و دلّه على مَثوبتها العَليّةِ أن يَتهاوَنَ في هذه العبادةِ الجليلةِ و يُضَيّعَ هذه الجوهرةَ الأثيلةَ النبيلةَ، أو يَتهاونَ بحرمةِ هذا اليومِ الشريفِ و الزمنِ المُنِيفِ و يصرِفَه في البطالةِ و ما في معناها، فإنّ من قَدر على اكتساب دُرّةٍ يتيمةٍ قيمتُها مائةُ ألفِ دينارٍ مثلًا في ساعةٍ خفيفةٍ فاشتغل عنها باكتساب خِرقةٍ قيمتُها فَلْس، يُعَدّ عند العقلاءِ من جملةِ السفهاءِ الأغبياءِ، و أين نسبةُ الدنيا بأسرِها إلى ثواب صلاةِ فريضةٍ واحدةٍ، مع ما قد استفاضَ بطريقِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام): أنّ صلاةَ فريضةٍ أفضلُ من الدنيا
[1] «الكافي» ج 3، ص 264، باب فضل الصلاة، ح 1؛ «الفقيه» ج 1، ص 135، ح 634، باب فضل الصلاة، ح 13؛ و الآية في سورة مريم (19): 31.
[2] انظر ما يأتي في رسالة «الحثّ على صلاة الجمعة».
[3] انظر رسالة السيوطي الموسومة ب«خصائص يوم الجمعة».
نام کتاب : رسائل الشهيد الثاني نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 246