نام کتاب : رسائل الشهيد الثاني نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 190
كما يقولُه الحنفي [1]، و لا جوفَه و لا حضورَ أربعينَ كما يقوله الشافعي [2]، و يَكتَفونَ في إيجابِها بإمامٍ يَقتدِي به أربعةُ نَفَرٍ مُكَلّفِين بها، فَيَظْهَرُ بذلك كونُهم أكثرَ إيجاباً مِنَ الجُمهورِ. و إنّما مَنَعَهُم مِنْ إقامِتها غالباً ما ذكرناه مِنْ فِسْقِ الأئمّةِ.
على أنّا قد بَيّنّا أنّ الأئمّةَ (عليهم السلام) أنكروا على تَركِها زيادةً على ما ذُكِرَ في الحديثينِ، و صرّحوا بوجوبِها على كلّ أحدٍ كما أشرنا إليه في الأخبارِ المتقدّمةِ. و قولُه (عليه السلام): «لا يُعْذَرُ الناسُ فيها» [3]، و قولُ الباقرِ (عليه السلام): «مَنْ تَرَكَ الجمعةَ ثلاثَ جُمَعٍ مُتواليةٍ طَبَعَ اللهُ على قَلبه» [4]. فأيّ مبالغةٍ و نكيرٍ أعظمُ من هذا؟ و أيّ مناسبةٍ فيه للواجبِ التخييري؟ لأنّ تَرْكَ فردٍ منه إلى الفردِ الآخرِ جائز إجماعاً لا يجوز ترتّب الذَّمّ عليه قطعاً.
و أبلَغُ مِنْ ذلك قولُ النبيّ (صلّى الله عليه و آله) في خُطبةٍ طويلةٍ حثّ فيها على صلاةِ الجمعةِ منها:
إنّ اللهَ تعالى قد فَرَضَ عليكم الجمعةَ فَمَنْ تَركَها في حَياتي أو بعدَ مَوتي استخفافاً بِها أو جُحوداً لَها فلا جَمَعَ اللهُ شَمْلَه و لا بارك له في أمرِه، ألا و لا صلاةَ له ألا و لا زكاةَ له ألا و لا حجّ له ألا و لا صومَ له ألا و لا بِرّ له حتّى يتوبَ [5].
[1] «مبسوط السرخسي» ج 2، ص 23؛ «بداية المجتهد»، ج 1، ص 159؛ و حكاه عنه الشيخ في «الخلاف» ج 1، ص 597، المسألة 358.
[2] «الأُمّ» ج 1، ص 190؛ «المجموع» ج 4، ص 502؛ «بداية المجتهد» ج 1، ص 158؛ و حكاه عنه الشيخ في «الخلاف» ج 1، ص 598، المسألة 359.