فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُبْغِضَ عَلِيّاً، أَوْ يبغضي [يُبْغِضَنِي، أَوْ أُقَاتِلَ عَلِيّاً، أَوْ يُقَاتِلَنِي، أَوْ أُعَادِيَ عَلِيّاً، أَوْ يُعَادِيَنِي.
إِنَّ عَلِيّاً كَانَتْ لَهُ خِصَالٌ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِثْلُهَا.
إِنَّهُ صَاحِبُ بَرَاءَةَ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): لَا يُبَلِّغُ عَنِّي إِلَّا رَجُلٌ مِنِّي.
وَ قَالَ لَهُ يَوْمَ تَبُوكَ: أَنْتَ وَصِيِّي، وَ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ النُّبُوَّةِ.
وَ حِينَ أَمَرَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَ لَمْ يَبْقَ غَيْرُ بَابِهِ، فَسَأَلَ عُمَرُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ بَاباً وَ لَوْ رَوْزَنَةً صَغِيرَةً قَدْرَ عَيْنَيْهِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، فَعِنْدَ ذَلِكَ.
قَالَ: سَدَدْتَ أَبْوَابَنَا وَ تَرَكْتَ بَابَ عَلِيٍّ (عليه السلام)؟! فَقَالَ: مَا سَدَدْتُهَا لَكُمْ أَنَا وَ لَا فَتَحْتُ بَابَهُ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَدَّهَا وَ فَتَحَ بَابَهُ.
وَ يَوْمَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) بَيْنَ الصَّحَابَةِ، كُلِّ رَجُلٍ مَعَ صَاحِبِهِ وَ بَقِيَ هُوَ فَآخَاهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ قَالَ لَهُ: أَنْتَ أَخِي وَ أَنَا أَخُوكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.
وَ حِينَ (خَيْبَرَ) انْهَزَمَ جَيْشُ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، وَ قَالَ:
مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَلْقَوْنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ يَفِرُّونَ؟ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَ يُحِبُّ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، كَرَّارٌ غَيْرُ فَرَّارٍ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ بِالنَّصْرِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): أَيْنَ ابْنُ عَمِّي عَلِيٌّ؟
فَجَاءَهُ وَ هُوَ أَرْمَدُ الْعَيْنِ، فَوَضَعَ كَرِيمَهُ فِي حَجْرِهِ، وَ تَفَلَ فِي عَيْنِهِ، ثُمَّ عَقَدَ لَهُ رَايَةً وَ دَعَا لَهُ فَمَا انْثَنَى حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ خَيْبَرَ عَلَى يَدَيْهِ، وَ جَاءَهُ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، فَأَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).
ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَ جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.
وَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ، أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) بِيَدِهِ، وَ قَالَ:
مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ.