قيمته
العالمية من خلال موقعه. فالفرد القيّم من ذاع نبوغه و مجده في المجتمع، و توقّفت
عجلة تنميته على خصائصه و امتيازاته. و أمّا المجتمع القيّم فهو ذلك الذي يتمتّع
بخصائص بارزة تميّزه في المجتمع الدولي، و النظام الناجح للمجتمعات البشرية هو
النظام الذي يتمتع بالزعامات التي يفرزها فكر و نضج ذلك المجتمع. و قد التفتت
الدنيا اليوم إلى هذه الحقيقة، و هي أنّ البلدان إنّما تحتذي حذو الشعوب المقتدرة
الحيّة في إعداد و بلورة شعوبها، حيث يشكّل هذا الاحتذاء البنية التحتيّة لخلق
المجتمع المطلوب. إلّا أنّ التحقيقات و الدراسات التي قام بها علماء الاجتماع بشأن
عناصر ظهور المجتمعات الناجحة أو الفاشلة تفيد أنّ الشعب الحي هو الشعب الذي يقود
مسيرته الأفذاذ من الزعماء الحكماء و القادة النجباء يمسكون بمقدّراته و يتولّون
ديمومته و حفظ حيويّته بفضل أفكارهم السامية و تطلّعاتهم النبيلة.
القرآن
الكريم:
لقد
قدّم القرآن الكريم- كتاب المسلمين- هذه الأطروحة العالمية العظيمة من أجل إرساء
دعائم المجتمع الحيّ و حفظ سيادة المسلمين في الأسرة الدولية. و قد عزا الكتاب
الحكيم ظهور البلدان العامرة و المستقلة ذات الشعوب المقتدرة إلى وجود القادة
الأكفّاء و الثقة باللَّه و الانفتاح على الغيب. و قد لفت القرآن أنظار المسلمين
إلى أطروحته المذكورة المتمثِّلة بالقادة الذين يتكفّلون بسعادة الأمّة في الدارين
فقال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ[1]. كما أرشدنا إلى تحقّق الأمّة المنيعة
التي ينظر إليها العالم بعين