و
يؤيّد ذلك ما ورد في النصوص الفقهيّة و آثار الأئمّة عليهم السلام، حيث وردت كلمة
«العبيد و الإماء» حيثما كان الكلام عن العبد المملوك. على كلّ حال فإنّ العباد في
الآية الشريفة هي جمع عابد. فقد ردّ الإمام الرضا عليه السلام على العُلماء الذين
قالوا: إنّ المراد بالآية الشريفة الأُمّة كلّها، بأنّ اللَّه أراد بها العترة
الطاهرة، فاحتجّ عليه السلام بالآية الَّذِينَ
اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا حيث المصطفى من العباد
غير جميع العباد، فهو أضيق دائرة، و لمّا كان المصطفى يعني المنتخب الخالص، فإنّهم
من العباد المخلصين و الموحّدين، و لذلك لا بدّ أن يكون هؤلاء الأفراد مصطَفين
تامّي الإخلاص في عبادة الحقّ. و بعبارة أوضح: أنّ مُراد الآية: أخلص الناس في
عبادة الحقّ من بين عباد اللَّه الموحّدين، و ليس هناك بين الناس أخلص في عبادة
اللَّه تعالى- بعد النبيّ صلى الله عليه و آله- غير الأئمّة عليهم السلام. و لذلك
قال عليه السلام: ليس المراد بالعباد- هنا بقرينة الاصطفاء- سوى العترة الطاهرة،
فالقرآن يقول: ليس لكلّ فرد وراثة القرآن، و إنّ وراثته مختصّة بمن اصطفينا من
العباد، و قال الرضا عليه السلام: نحن ورثة القرآن، فالأئمّة هم ورثة الكتاب، و
لمّا كان الانتقال مُعتبر في مفهوم «الإرث» يتبيّن أنّ ما أفاض القرآن على النبي
صلى الله عليه و آله إنّما ينتقل إلى الأئمّة الأطهار عليهم السلام، و نحن نعلم
أنّ القرآن إنّما أفاض على النبي الأكرم صلى الله عليه و آله العلم و الحكمة و
الإمامة و الولاية و المسئولية و أمثال ذلك، و عليه:
فالأئمّة
إنّما يرثون هذه الأمور عن النبي صلى الله عليه و آله. فكما أنّ رسول اللَّه صلى
الله عليه و آله عالم بدقائق القرآن و أسراره، فالأئمة عليهم السلام عالمون بها
بالوراثة، و كما أنّ النبي يدرك بالوحي بطون القرآن، فإنّ للأئمّة مثل هذا الإدراك
و الإحاطة بالوراثة. و أخيراً فكما أناط القرآن بالنبي صلى الله عليه و آله وظيفة
الزعامة و تفسير الأحكام و بيان التعاليم و إمامة الأُمّة الإسلامية فإنّ الأئمّة
عليهم السلام قد ورثوا عنه هذه الوظائف، و لذلك