المطلقة،
و ذلك لأنّ المطيع إنّما يجعل فكره و إرادته و عمله تحت تصرّف المُطاع، و قد ذكرنا
بأنّ علّة طاعة المُطاع بنحو مطلق هي كون المُطاع يمتلك علماً مطلقاً، و بصيراً و
ذا دراية بكافّة سبل الهداية و طرق السعادة و الفلاح، و هو عارف بنمط الحياة التي
يسودها الأمن و الاستقرار و السكينة، و التي لا تعرف القلق و الاضطراب، كما أنّه
خبير بكلّ ما يؤدّي إلى السعادة و الشقاوة، و حيث تحكم الفطرة بضرورة التسليم
لمثل هذا الفرد، كان لا بدّ من القول بأنّ الآية
أَطِيعُوا اللَّهَ إنّما توجب على الناس الانقياد و
التسليم إلى اللَّه و الرسول و ولاة الأمر، بالشكل الذي تكون فيه إرادة الناس
تابعة إلى إرادة ذلك الفرد، فلم تعد لهم من إرادة، و هذا ما يمثّل منتهى الإدراك
و العقل و الدراية بحيث يكون الإنسان على هذا النوع من التسليم تجاه معلّميه من
ذوي العلم و البصائر ليظفر بسعادته و فلاحه. هذا هو المعنى الذي نفهمه من الآية
الشريفة، و هو نفس المعنى الذي يفيده حديث الثقلين، لا سيّما بالالتفات إلى كلمة
«التمسّك» الواردة في الحديث «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن
تضلّوا أبداً: كتاب اللَّه، و عترتي ...»
[1] فالتمسّك يعني التسليم و الانقياد للمتمسّك به، فهي لا تفيد سوى
الطاعة المطلقة للمُطاع التي صرّحت بها الآية الشريفة. و أخيراً فإنّا نرى أنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قد خلّف للمسلمين ثقلين: الأوّل هو القرآن الكريم
الذي يُعتبر دستور الحكومة الإسلامية و ركنها الركين و قائدها، فإنّ الأئمّة الأطهار
هم أساس الحكومة و زعماؤها و ليس للأُمّة من سبيل سوى الانصياع لقيادتهم و
الانقياد لهم.
خلاصة
التحقيقات:
على
ضوء الرواية المنقولة عن ابن بابويه القمي فإنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله
قد عيّن