عليهم
أصحاب الصناعة. و بناءً على ما تقدّم فإنّ هناك جماعة من الناس تميّزت في
إسلاميتها بحيث وجبت طاعتهم فيما يأمرون و ينهون، و منصبهم هو منصب إلهي يتميّز
بالإمرة حتّى عرفوا بأنّهم «اولي الأمر». و بالطبع فإنّ هنالك مسألة لم يلتفت
إليها البعض من أولئك الذين خاضوا في مِصداق اولي الأمر أو استغرقوا في مفهومه،
فذهبوا إلى أنّ الأمر بمعنى شأن من الأفعال و الأقوال، ففسّروا اولي الأمر على
أنّهم الأفراد الذين تكون كافّة الشئون و الامور تحت تصرّفهم و ولايتهم.
بحث
في الآية المباركة:
الطاعة
هي اتّباع الأمر، إذن فمفهومها يفيد صدور الحكم و الأمر من المطاع، طبعاً الأصل
الأوّلي هو عدم وجود حكومة و إمرة لفرد على فرد آخر. فالإنسان كائن خُلِق حرّاً، و
ينبغي أن يعيش الحرية في الفكر و العمل، فالحرية جزء من فطرة الإنسان و الأصل
الابتدائي لخلقته الإنسانية، و ذلك لأنّه مجهّز بالفكر و العقل و الإرادة، و لا
معنى لسلبه حرية التفكير و الإرادة، فهو إنّما يستطيع اتّخاذ القرار في تقرير
مصيره و أعماله و أفعاله على ضوء العقل، الفصل المميّز للإنسان، فهو يشخص الأمور
بقوّة العقل ثمّ تأتي إرادته في تحقيق الصالح من الطالح من الأعمال. و بناءً على
هذا فهو حرٌّ و مختار في تقرير مصيره و أعماله و أفعاله على ضوء إدراكه و عقله، و
ليس للآخرين من سبيل لأن يجرّدوه من حريته في الفكر و العمل و اتخاذ القرار و أن
يفرضوا قوّتهم على إرادته. أضف إلى ذلك أنّ الفرد الذي يرى نفسه خاضعاً لتشخيص
الآخرين و امتثال أوامرهم و نواهيهم إنّما هو فرد ذليل؛ لأنّه ليس هنالك من امتياز
لأحد على آخر في الخلقة الاولى حتّى يستسلم فرد