إلّا
أنّه يطّلع عليها و على تفاصيل سائر الحوادث من خلال الاستمداد من الغيب، فالغيب
من شأنه أن يحدّد الخائن و السارق و البريء. فلا يخفى شيء على الحاكم الإسلامي،
و هو عليم بالأسرار الخفيّة، و أنّ اللَّه قد أراه ما تقوم به حكومته. و إذا
تأمّلنا العبارة «ما أراك اللَّه» التي وردت بصيغة الماضي و طبّقناها على هذه
الواقعة، لإفادتنا عدم وجود أيّ شيء مخفي و مستور على النبي صلى الله عليه و
آله، و هو عليم بالأشياء بنبوّته المستندة إلى المدد الغيبي، فليس هنالك من ترديد
بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه و آله في أنّ أولئك الإخوة الثلاث سارقون
خائنون.
نظرة
أعمق:
رغم
أنّ الآية الكريمة- بالالتفات إلى سبب النزول- مختصّة بحادثة مع النبي صلى الله
عليه و آله، إلّا أنّ التعمّق في الآية يفيد ضرورة استناد حكومة و زعامة الحاكم
الإسلامي- الذي نصّبه اللَّه على الخلق- إلى علم الغيب و ما يريه اللَّه و يكشف
له من مكنونات الأُمور؛ لأنّ مفاد الآية لِتَحْكُمَ
بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ- مع إلغاء خصوصية
هذا المورد- أنّ الحاكم الإسلامي لا يحكم إلّا بما يريه اللَّه و يرشده إليه، و
هذا ما يستلزم الاستنتاج بعلم الحاكم و الإمام بالمغيّبات و الحوادث الخفيّة، و لو
كانت تلك الحادثة جزئية و في زمان خاصّ، و حيث نصّت الآيات السابقة على أنّ
الإمام خليفة النبيّ صلى الله عليه و آله في الحوادث الواقعة و زعامة الأُمّة و
ولاية شئونها الإسلامية فهو يتمتّع بما يتمتّع به النبي صلى الله عليه و آله من
علم، و اللَّه أعلم.