الإفاضات
الغيبية فهو عالم بالغيب، و لكن ما ذا بشأن الأئمّة؟ هل الأئمّة الأطهار عليهم
السلام عالمون بالغيب أيضاً؟ و هل ورد في القرآن ما يفيد استنادهم إلى المدد
الغيبي في إمامتهم و اطّلاعهم على المغيَّبات و لو عن طريق النبيّ صلى الله عليه
و آله؟ لا شكّ أنّ علم الأئمّة عليهم السلام هو حصيلة إرشادات و توجيهات النبيّ الخاتم
صلى الله عليه و آله، كما لا شكّ أيضاً أنّهم لا يستندون في علمهم إلى الوحي، لكن
ليس هنالك من شكّ أيضاً- و كما اتّضح من المباحث السابقة- في أنّهم عيّنوا من قِبل
اللَّه إلى جانب كون إمامتهم ممّا تقتضيه وظيفة مواصلة أهداف الرسالة، و تطبيق
الأحكام الإسلامية و تفصيل أسرار القرآن علاوة على استخلافهم من جانب النبي صلى
الله عليه و آله. و بعبارة أوضح: أنّ الإمامة من الأُصول الرئيسيّة للإسلام و
كافّة الشرائع الإلهية، و أنّ الإمام منصّب من قبل اللَّه للنهوض بأهداف الإسلام و
زعامة الامّة و توجيهها في مسيرتها الحياتية، و خلاصها من مصاعب الحياة، و الأخذ
بيدها إلى الصلاح و الفلاح، و هنا لا بدّ من معرفة: هل أنّ الأئمّة الأطهار عليهم
السلام عالمون بالغيب و الحوادث الخفيّة و تفاصيل الأُمور، أم أنّ علمهم يقتصر
على القرآن و الأحكام؟ قد ذكرنا آنفاً أنّ لهؤلاء الهداة إمامة الأُمّة بعد
النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله، و قد نصّت آية الطاعة
أَطِيعُوا اللَّهَ بولايتهم للأمر و تشكيل الحكومة
الإسلامية، فهل ينبغي أن يكون الحاكم الإسلامي عالماً بالغيب، و ما رأي القرآن
الكريم بهذا الشأن؟
نقطة
ضرورية:
لا
ندَّعي في هذه الأبحاث أنّ مفاد الآيات الكريمة- التي سنعرض لها لاحقاً- صريحة في
أنّ الإمام بالاستناد إلى الفيض الإلهي عالم بالغيب، بل ما تفيده الآيات الواردة
بهذا الشأن، هو أنّ الأفراد الذين بيدهم مقدّرات المسلمين على أنّهم