منتخبة،
و لا سيّما أنّ هذا الانتخاب و الترجيح يتعلّق بأمر غير طبيعي، و هو الحمل دون
وجود الزوج، فقد خلق اللَّه مريم على درجة من الطهر و العفاف بحيث إنّ الأذهان لا
تتصوّر أيّ طعن في طهرها و عفافها من جرّاء هذا النوع من الحمل، و هناك رواية
تؤيّد ما ذهبنا إليه [1].
الأمر الثاني: هل أنّ اصطفاء آدم و نوح و آل إبراهيم و آل عمران على العالمين
إلى الأبد على ضوء الآية إِنَّ اللَّهَ
اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ؟
الجواب:
ذكرنا
سابقاً أنّ كلمة «الاصطفاء» إذا استعملت مع حرف الجرّ «على» أفادت معنى الترجيح في
انتخاب فرد أو أكثر على الآخرين، فمعنى الآية أنّ اللَّه انتخب آدم و نوحاً و آل
إبراهيم و آل عمران- الذين يمثّلون الصفوة- من بين سائر أفراد العالم. إذن،
فالانتخاب من بين العالمين، و أنّ المنتخبين من أصفياء العالم، لا أنّ الانتخاب
على جميع العالم و أنّ للمنتخبين امتياز على العالم، و اللَّه أعلم. و يؤيّد ذلك
المعنى الآيات من سورة الأنعام: وَ وَهَبْنا لَهُ
إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ
ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ
وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ
إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ
لُوطاً وَ كلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ[2].