يدلّ عليه الروايات الدالّة على أنّه تعالى يحبّ أن يُعبد
في السرّ، كما يحبّ أن يُعبد في العلانية، فمضمونها أنّ العبادة التي استعمل فيها
التقيّة تكون محبوبة عند اللَّه تعالى، و لو لم تكن صحيحة- بل كانت صورة عبادة لم
يكن وجه لكونها محبوبة، كما هو واضح.
فتلخّص من جميع ذلك: أنّ التأمّل في الروايات المختلفة-
الواردة في هذا الباب يقضي بكون العمل الصادر تقيّة صحيحاً و محبوباً عند اللَّه
تعالى و أنّه من دينه.
المقام الثالث: في حكم التقيّة بمعنى المداراة مع العامّة
و حسن المعاشرة معهم.
لا يخفى أنّه لو قلنا بجواز الدخول معهم اختياراً في
الصلاة- كما ربما يستفاد استحبابه من الأخبار فلا يكون- حينئذٍ وجه لبطلانها؛
لأنّه بعد الدخول إمّا أن يكون مضطرّاً إلى الموافقة لهم في العبادة، و إمّا أن
يجب عليه التقيّة؛ بمعنى كتم الدين و إخفائه، و قد عرفت أنّ الحكم في المقامين هي
الصحّة و الإجزاء، فلا حاجة- حينئذٍ إلى إقامة دليل على إثبات الإجزاء في
المقام. نعم لا بأس بذكر بعض الأخبار، الواردة في الصلاة خلف من لا يُقتدى به،
الظاهرة في تأكّد استحبابها و صحّتها، و قد جمعها في «الوسائل» في الباب الخامس أو
السادس من أبواب صلاة الجماعة
[1]:
منها: صحيحة حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللَّه (عليه
السّلام) أنّه قال
من صلّى معهم في الصفّ الأوّل، كان كمن صلّى مع رسول
اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله في الصفّ الأوّل [2].
[1] وسائل الشيعة
8: 299 305، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الجماعة، الباب 5 و 6.
[2] الفقيه 1: 250/
1126، أمالي الصدوق: 300/ 14، وسائل الشيعة 8: 299، كتاب الصلاة، أبواب صلاة
الجماعة، الباب 5، الحديث 1.