و بالجملة: فمدلول هذه الرواية- ككثير من الروايات الظاهرة
في الجواز هو وجوب البراءة و حرمة تركها.
و بإزاء هذه الأخبار روايات أُخر ظاهرة- بل صريحة في حرمة
التبرّي و وجوب مدّ الرقاب
[1]، و لكن كلّها مخدوشة من حيث السند، و لا يمكن
رفع اليد بسببها عن عمومات التقيّة، و خصوص الأخبار المجوّزة للتبرّي، خصوصاً في
هذا الحكم الذي يرجع إلى تجويز قتل النفوس بل إيجابه، فالأقوى بمقتضى ما عرفت
جواز التبرّي- بل وجوبه عند الدوران بينه و بين القتل.
نعم قد يكون ذلك مستلزماً لتزلزل أركان المذهب و إضلال
الشيعة، فلا يجوز كما عرفت.
حول تعلّق الوجوب بالتقية بعنوانها
ثمّ إنّ التقيّة هل تعلّق الوجوب بها بعنوانها، أو أنّ
الواجب إنّما هي العناوين الأُخر، كترك إلقاء النفس في الهَلَكة و غيره من
العناوين؟
و التحقيق أن يقال: إنّ التأمّل و التتبّع في الأخبار
الواردة في التقيّة، يقضي بأنّ هنا عناوين ثلاثة لا ربط لأحدها بالآخر؛ لا من حيث
الموضوع الذي هو نفس تلك العناوين، و لا من حيث الحكم كما يجيء:
الأوّل: عنوان الاضطرار الذي يجوّز ترك الواجبات و فعل
المحرّمات، و قد أُطلق التقيّة عليه في مثل قوله (عليه السّلام)
التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه
[1] وسائل الشيعة
16: 228، كتاب الأمر و النهي، الباب 29، الحديث 8 و 9 و 10، و: 232، الباب 30،
الحديث 21.