و الفرض الأوّل و الأخير من هذه الفروض الثلاثة يجري فيما
لو كان شيعيّاً إماميّاً، فإنّه قد يتّفق أن يرى السلطان الإمامي المصلحة في
اتّفاق الأُمّة؛ و الأخذ بفتاوى مراجع أهل التسنّن، فتتحقّق التقيّة عنه- حينئذٍ
في فعل أو ترك أو خصوصيّة عمل مثلًا، كما أنّ التقيّة ربما تتحقّق بالنسبة إلى
عوامّ الشيعة، المعتقدين لما هو خلاف الحقّ و فتاوي مراجعهم، و من هنا يعرف أنّ
التقيّة عن عوامّ العامّة و إظهار موافقتهم، قد يكون فيما أخذوه من مراجعهم، و قد
يكون فيما يعتقدونه و لو كان مخالفاً لفتاوي مراجعهم.
و أمّا بملاحظة الشيء الذي يُتّقى فيه: فتارة يكون في
الدماء، و أُخرى في غيرها من الأُمور الكثيرة و الأشياء غير العديدة.
ثمّ إنّ التقيّة قد تشتمل على الخوف، و قد لا تكون كذلك، بل
المقصود بها مجرّد المداراة مع من يُتّقى عنه. و على الأوّل: قد يكون الخوف عن
الضرر على نفسه أو من يتعلّق به، و قد يكون عن الضرر على غيره من المسلمين، و قد
يكون عن الضرر على الإسلام.
في حدود جريان التقيّة
إذا عرفت ذلك فنقول: هل التقيّة تجري في جميع الأشياء أو
لا؟
قد يقال بالعموم فيما لو كانت التقيّة لخوف الضرر؛ نظراً
إلى الأدلّة العامّة الجارية في المقام [1] و في غيره، مثل حديث نفي الضرر [2]، و دليل نفي
[1] وسائل الشيعة
16: 349، كتاب الأمر و النهي، أبواب فعل المعروف، الباب 24، و: 357، الباب 25،
الحديث 2.
[2] وسائل الشيعة
18: 32، كتاب التجارة، أبواب الخيار، الباب 17، الحديث 3 و 4 و 5، و 25: 399، كتاب
الشفعة، الباب 5، الحديث 1، و: 427، كتاب إحياء الموات، الباب 12، الحديث 1 و 3 و
4 و 5.