أنّ اللحاظين أمران وجوديان، و التقابل بينهما حينئذٍ يكون
من قبيل تقابل الضدّين، لا العدم و الملكة.
و على الثاني يرد عليه منع الملازمة بين امتناع التقييد و
امتناع الإطلاق؛ لأنّ التقابل بينهما حينئذٍ و إن كان من قبيل تقابل العدم و
الملكة إلّا أنّ ذلك لا يقتضي ثبوت الملازمة.
و توضيحه: أنّ المتعلّق قد لا يمكن تقييده؛ لقصور فيه؛ بحيث
لا يكون له شأنية التقييد أصلًا، و قد لا يمكن ذلك، لا لقصوره و عدم الشأنية، بل
لمنع خارجي، كلزوم الدور و نحوه. ففي الأوّل لا يمكن الإطلاق؛ لأنّ ذلك مقتضى
تقابل العدم و الملكة في جميع الموارد، فإنّه لا يقال للجدار أعمى، و لا يقال زيد
مطلق بالإطلاق الأفرادي، و هذا بخلاف الثاني، كما في المقام، فإنّ امتناع التقييد
ليس لعدم القابلية له، بل لمنع خارجي؛ و هو استلزامه للدور، و في مثله يمكن
الإطلاق. و حينئذٍ فلا بأس بأن يقال: إنّ دليل اشتراك الأحكام بين العالم و الجاهل
هو إطلاقات الكتاب و السنّة، و لا احتياج إلى التماس دليل آخر؛ و لذا تراهم
يتمسّكون بها في كثير من الموارد، كما لا يخفى.
و ثالثا: أنّ
ما ذكره في القياس ممّا لا يتمّ، فإنّ من راجع الأدلّة الناهية عن العمل بالقياس
يعرف أنّ المنع عنه إنّما هو لأجل قصور العقول البشرية، و بعدها عن الوصول إلى
أحكام اللَّه تعالى من قبل نفسه، و عدم حصول العلم منه غالباً، لا لأجل الفرق بين
العلم الحاصل منه و القطع الحاصل من غيره، فراجع الأخبار الواردة في هذا الباب،
المذكورة في كتاب القضاء من «الوسائل»
[1].
ثمّ إنّه حكى عن صاحب «المقالات» أنّه ذهب إلى إمكان أخذ
القطع
[1]- وسائل الشيعة
27: 35، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 6.