ارتفاعه عندها، و هو لا ينافي وجود جزئي آخر من سنخ ذلك
الطلب بعدها.
و لكنّه اختار في الأواخر أنّه لا تدلّ الغاية على المفهوم
و لو كانت قيداً للحكم، فقال في حاشية الدّرر ما هذه عبارته: يمكن أن يقال بمنع
المفهوم حتّى فيما اخذ فيه الغاية قيداً للحكم، كما في: اجلس من الصبح إلى الزوال؛
لمساعدة الوجدان على أنّا لو قلنا بعد الكلام المذكور: و إن جاء زيد فاجلس من
الزوال إلى الغروب، فليس فيه مخالفة لظاهر الكلام الأوّل، فهذا يكشف عن أنّ
المغيّى ليس سنخ الحكم من أيّ علّة تحقّق بل السنخ المعلول لعلّة خاصّة سواء كانت
مذكورة كما في إن جاء زيد فاجلس من الصبح إلى الزوال، أم كانت غير مذكورة، فإنّه
مع عدم الذكر أيضاً يكون لا محالة هنا علّة يكون الحكم المذكور مسبّباً عنها [1]. انتهى.
و أنت خبير بأنّ الغاية إذا كانت غايةً لطبيعة الطلب
المتعلّقة بالجلوس مثلًا، فلا محالة ترتفع الطبيعة عند وجودها، و إلّا فلا معنى
لكونها غايةً لنفس الطبيعة، و يكشف من ذلك ارتفاع علّته و عدم قيام علّة اخرى
مقامه.
و بعبارة اخرى: بعد كون القضيّة بنظر العرف ظاهرة في ارتفاع الطلب عند وجود الغاية لا مجال
للإشكال في الدلالة على المفهوم من جهة ما ذكر؛ لأنّ ذلك مستلزم لكون العلّة واحدة
بحيث لا يقوم مقامها علّة اخرى.
هذا مضافاً إلى أنّ العرف لا يتوجّه و لا ينظر إلى مسألة
العلّة أصلًا، كما لا يخفى، إلّا أنّ كون الهيئة مفادها هو إنشاء حقيقة الطلب و
كلّيه قد عرفت ما فيه سابقاً؛ فإنّ الوضع و الموضوع له في الحروف ليسا عامّين، بل
الموضوع له خاص، إلّا أنّ المتفاهم في المقام من القضيّة الغائية كون المغيّا هو
حقيقة