و محصّل الإيراد: أنّ هذا الكلام صريح في أنّ التخيير في الواجبين المتزاحمين إنّما هو من
نتيجة اشتراط كلٍّ منهما بالقدرة عليه، و تحقّقها في حال ترك الآخر، فيجب كلٌّ
منهما عند ترك الآخر، فيلزم الترتّب من الجانبين مع أنّه قد أنكره من جانب واحد، وليت
شعري أن ضمّ ترتّب إلى ترتّب آخر كيف يوجب تصحيحه؟!
أقول: من
الواضح الذي لا يعتريه ريب أنّ كلامه هناك لا يدلّ على الترتّب من الطرفين أصلًا،
كيف و معنى الترتّب كون الأمر الثاني في طول الأمر الأوّل لاشتراطه بما يتأخّر عنه
رتبةً، و حينئذٍ فكيف يمكن أن يكون كلٌّ من الأمرين في طول الآخر و متأخّراً عنه
رتبةً؟! لأنّ مقتضاه إمكان تقدّم الشيء على نفسه المستحيل بداهة، بل المراد من
العبارة ما ذكرناه و حقّقناه في هذا المقام من أنّ الأمرين باقيان على إطلاقهما من
دون أن يكون أحدهما مقيّداً بما يتأخّر عن الآخر أو بشيء آخر، غاية الأمر أنّ
وجوب الامتثال الذي هو حكم عقلي مشروط بالقدرة عليه، و حيث إنّه لا ترجيح بين
الامتثالين هناك، فالعقل يحكم بتخيير المكلّف و معذوريّته في مخالفة ترك الآخر لو
لم يخالف المجموع، فالمقيّد بالقدرة و نظائرها إنّما هو حكم العقل بوجوب الامتثال،
لا أصل الخطابين، و هذا هو ظاهر كلام الشيخ حيث ذكر أنّ المقيّد بالقدرة إنّما هو
حكم العقل.
نعم يرد على الشيخ: سؤال الفرق بين المقامين حيث حكم باستحالة ثبوت الأمرين في المقام مع أنّه
اختار ثبوتهما هناك، فإنّ الظاهر جريان هذا الوجه بعينه في المقام بلا فرق بينهما
أصلًا، كما هو واضح لا يخفى.