البحث
في الأوّل يرجع إلى أنّ وجوب ذي المقدّمة هل هو حجّة عقلًا على وجوب المقدّمة أم
لا؟ وفي الثاني يرجع إلى أنّ الأمر بالشيء هل هو حجّة عقلًا على النهي عن ضدّه
أم لا؟ إذ الحجّيّة في المقام أعمّ من الشرعيّة والعقليّة، فلا وجه لجعلهما من
المبادئ.
5-
كلام الإمام الخميني «مدّ ظلّه» في موضوع علم الاصول
وسيّدنا
الاستاذ الأعظم الإمام «مدّ ظلّه» اختار ما اختاره آية اللَّه البروجردي رحمه الله من أنّ موضوعه هو
«الحجّة في الفقه» لكنّه خالفه في توجيهه، فإنّ آية اللَّه البروجردي رحمه الله
وجّهه من طريق الجامع بين محمولات المسائل كما عرفت، والإمام من طريق الجامع بين
موضوعاتها.
توضيحه:
أنّ المسائل الاصوليّة حيث تكون اموراً اعتباريّة
[1] يمكن عكسها بجعل الموضوع محمولًا والمحمول موضوعاً، فقولنا: «خبر
الواحد حجّة» يرجع إلى أنّ «الحجّة خبر الواحد» وهكذا، بل هذا أولى من عكسه، لأنّ
للَّهتعالى أحكاماً وقوانين، وأنّا نعلم أنّه جعل للوصول إليها حججاً، فأصل وجود
الحجج معلوم لنا، والمجهول هو تعيّناتها، كظواهر الكتاب وخبر الواحد وهكذا، فمن
قال بحجّيّة خبر الواحد مثلًا يقول: خبر الواحد من تعيّنات الحجّة على أحكام
اللَّه، فيمكن أن يحتجّ به المولى على العبد وبالعكس، ومن أنكر حجّيّته يقول: خبر
الواحد ليس من مصاديق الحجّة المعلومة لنا إجمالًا، فلا يصحّ الاحتجاج به للمولى
على العبد، ولا بالعكس.
فجعل
الحجّة موضوعاً وكلّ واحد من تعيّناتها كخبر الواحد محمولًا أولى
[1] أي: ليست من الامور التكوينيّة مثل «زيد
قائم» حتّى لم نتمكّن من جعل العرض معروضاً وبالعكس. منه مدّ ظلّه.