لا
ريب ولا خلاف في أنّ لنا علوماً متعدّدة متغايرة، لكنّهم اختلفوا في ملاك تمايزها
الذي هو منشأ تكثّرها إلى أقوال:
1-
نظريّة المشهور في المقام
ذهب
المشهور إلى أنّ تمايزها بتمايز الموضوعات.
والظاهر
أنّ مرادهم موضوعات العلوم لا موضوعات المسائل.
فعلم
الفقه مثلًا يمتاز عن علم النحو بأنّ موضوع الأوّل فعل المكلّف وموضوع الثاني هو
الكلمة والكلام.
واورد
عليهم بأنّه يستلزم اتّحاد علم النحو والصرف والبلاغة، إذ الموضوع في الجميع هو
الكلمة والكلام [1].
واجيب
عنه بأنّ الكلمة والكلام من حيث الإعراب والبناء موضوع النحو، ومن حيث الصحّة
والاعتلال موضوع الصرف، ومن حيث الفصاحة والبلاغة موضوع المعاني والبيان، فتتغاير
موضوعات هذه العلوم الثلاثة
[1] إن قلت: تعدّد الموضوع في هذه العلوم
الثلاثة يغاير ما تقدّم من وحدة موضوع العلم.
قلت:
موضوع هذه العلوم في الواقع هو القدر الجامع بين الكلمة والكلام، أعني: اللفظ
العربي المستعمل، سواء كان بصورة الكلمة أو الكلام. منه مدّ ظلّه.