وهذا
يدلّعلىأنّ أصلاحتياج كلّعلم إلى الموضوع كان أمراً واضحاً عندهم.
ويرد
عليه أوّلًا: أنّ ملاك تمايز العلوم موضوع مختلف فيه، فإنّ جماعة من الاصوليّين-
منهم المحقّق الخراساني والمحقّق العراقي رحمهما الله- قالوا بأنّ تمايزها بتمايز
الأغراض [1]، بل هنا احتمال ثالث أشار إليه في
الكفاية، وهو أن يكون بتمايز المحمولات [2].
وثانياً: لا علم لنا بأنّ احتياج العلوم إلى الموضوع عند المشهور من نتائج
مسألة تمايز العلوم بتمايز الموضوعات، بل القاعدة تقتضي العكس بأن يثبتوا أوّلًا
احتياج كلّ علم إلى موضوع خاصّ واحد، ثمّ يرتّبوا عليه كون تمايزها بتمايز
الموضوعات.
وهذا
لا يفيد المستدلّ كما لا يخفى.
الوجه
الثالث: السنخيّة المتحقّقة بين مسائل العلوم.
إنّ
سيّدنا الاستاذ الأعظم الإمام «مدّ ظلّه» وإن أنكر احتياج العلوم إلى الموضوع، إلّاأنّ له بياناً في بعض
المباحث الاخرى يستفاد منه أنّ لكلّ علم موضوعاً واحداً.
وهو
أنّ مسائل كلّ علم يسانخ بعضها بعضاً، وهذه السنخيّة موجودة في ذات هذه المسائل
وجوهرها، ولا سنخيّة بين مسائل علمين [3].
ألا
ترى أنّ قول النحاة: «كلّ فاعل مرفوع» يسانخ قولهم: «كلّ مفعول منصوب»، ولا يسانخ
قول الاصوليّين: «صيغة الأمر دالّة على الوجوب».