هذا،
و لكن الصحيح ما ضبطه في الوسائل مما عرفت، فظهور الرواية في ذلك ممّا لا ينبغي
الارتياب فيه، و عليه فيتحقق التعارض بينها و بين الروايات الدالة على البطلان،
لأنّ المستفاد من تلك الروايات أنّ الطهارة المعتبرة للأكوان الصلاتية تبطل بسبق
الحدث، و خروجه سهوا، و توجب بطلان الصلاة من أوّل الأمر، بحيث يجب التوضّي ثمَّ
الاستئناف، فإذا كان الأمر في الطهارة المائية هكذا فالطهارة الترابية أولى بذلك، و
من الواضح أنّ الواجب الأخذ بتلك الروايات لكونها مطابقة لفتوى المشهور.
ثمَّ
إنّه قال الشيخ في الخلاف: إذا سبقه الحدث فخرج ليعيد الوضوء، فبال أو أحدث
متعمّدا لا يبني إذا قلنا بالبناء على الرواية الأخرى، و به قال أبو حنيفة.
و
قال الشافعي على قوله القديم الذي قال بالبناء: إنّه يبني، قال: لأنّ هذا الحدث
طرأ على حدث فلم يكن له حكم [2]. انتهى موضع الحاجة من كلامه.
و
يظهر من هذا الكلام أنّه لو أحدث متعمّدا بعد ما سبقه الحدث لا يجوز البناء بل
عليه الاستئناف، و عليه إجماع الإمامية كما نقل في مفتاح الكرامة دعواه عن خمسة من
العلماء [3]، بل و عليه إجماع العامّة أيضا، لأنّ
أبا حنيفة- القائل بالبناء- قال بالاستئناف هنا أيضا
[4].
و
يظهر من الشافعي أنّه لو لا طريان الحدث على الحدث لكان يحكم بالاستئناف، لأنّه
أحدث متعمّدا [5]، فيظهر من مجموع ذلك اتّفاق الفريقين
على خلاف خبري فضيل و أبي سعيد المتقدّمين الدالّين على البناء فيما لو أحدث
متعمّدا،