لهم
حلال، ليس يأكلون و لا يشربون إلّا ما أحلّ اللَّه لهم، ثمّ قال (عليه السّلام):
إنّ الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل و لا ما يشرب، فاجلدوه ثمانين جلدة [1] و غير خفيّ أنّ قصّة قدامة كانت قصّة
واحدة، و المستفاد من الرواية الثانية التي هي صحيحة أنّ استدلال قدامة بالآية
المذكورة فيها إنّما كان لنفي وجوب الحدّ عن مثله، من دون أن يكون مستحلا للشرب، و
جواب الإمام (عليه السّلام) يرجع إلى أنّ الطعام الذي نفى الجناح فيه هو الطعام
الحلال، ففي الحقيقة كان منشأ توهّم قدامة راجعاً إلى أنّ الآية تنفي ترتّب الحدّ
و إن كان الطعام محرّماً، و من الظاهر أنّ الحكم في مثله هو وجوب الحدّ دون القتل،
و قد مرّ في بعض المسائل المتقدّمة أنّه لا يشترط في الحكم بوجوب الحدّ علم الشارب
بذلك، بل المعتبر هو العلم بثبوت الحرمة في الشريعة، و يدلّ على ما ذكرنا عدم وقوع
التعرّض للاستتابة في هذه الرواية، ففي الحقيقة لا ترتبط الرواية بمسألة الاستحلال
أصلًا و أمّا الرواية الأُولى، فهي صريحة في تحقّق الارتداد بسبب الاستحلال، و
لزوم الاستتابة و القتل بعدها إذا لم يتب، و حينئذٍ يقع الكلام بعد اختلاف
الروايتين في نقل قصّة واحدة في لزوم الأخذ بالرواية الاولى مع كونها مرسلة و إن
لم يبلغ مرتبة الإرسال فيها إلى مثل قوله: روي، و عدم ثبوت الشهرة الجابرة للضعف،
أو لزوم الأخذ بالرواية الثانية مع كونها صحيحة معتبرة، و عدم كونها مخالفة للأصول
و القواعد و الظاهر أنّه لا يبقى مجال مع هذا الوصف للاتّكاء على الرواية الأُولى،
المخالفة للقاعدة من جهة الحكم بالاستتابة في المرتد الفطري أيضاً، مع أنّه يقتل
من دون
[1] وسائل الشيعة: 18/ 467، أبواب حدّ المسكر ب
3 ح 5.