ثم
إنّه هل تلحق بهنّ نساء البوادي و القرى من الأعراب ممّن جرت عادتها على عدم
التستّر، نظراً إلى أنّهنّ لا ينتهين إذا نهين، الوارد في خبر عباد بن صهيب، عن
الصادق (عليه السّلام) قال: سمعت أبا عبد اللَّه (عليه السّلام) يقول: لا بأس
بالنظر إلى رؤوس أهل تهامة و الأعراب و أهل السواد و العلوج، لأنّهم إذا نهوا لا
ينتهون، قال: و المجنونة و المغلوبة على عقلها لا بأس بالنظر إلى شعرها و جسدها ما
لم يتعمّد ذلك. قال صاحب الوسائل بعد نقل الرواية عن الكليني و الصدوق كما ذكرنا:
و رواه في العلل عن الحسن بن محبوب مثله، إلّا أنّه أسقط لفظ المجنونة، و ذكر أهل
الذمّة بدل العلوج [2]،
ثمّ قال: الظاهر أنّ المراد بالتعمّد هنا النظر بشهوة.
أقول:
لو أخذ بمقتضى هذا التعليل الذي كان الظاهر فيه أن يقول بدل الضمير المذكّر:
المؤنث كما لا يخفى، لكان اللازم جواز النظر إلى نساء البلد أيضاً في صورة عدم
الانتهاء بالنهي، كما هو الحال في زمان الطاغوت الماضي بحمد اللَّه، و الالتزام
بذلك بالإضافة إلى كلّ امرأة أجنبية إذا كانت كذلك مشكل، و الظاهر أنّه لا مانع من
الحكم باللحوق، و إلّا فاستظهار جواز التردّد في مواقع تردّد تلك النسوة و مجامعهنّ
و محالّ معاملتهنّ مع العلم عادة بوقوع النظر إليهنّ لا بدّ و أن يكون منشأه العسر
و الحرج، و في مثله ينبغي الاقتصار على موارد الحرج الشخصي على ما بيّناه في تلك
القاعدة في محلّها، و الاقتصار على تلك الموارد مشكل، فتدبّر جيّداً.