و
الهجر لا يكونان في عداد واحد؛ لأنّ الأولى ترجع إلى النهي عن المنكر، و الثانية
تفويت لحقّها الواجب عليه شرعاً، و لا يجوز قبل تحقّق الذنب، إذ هو عقوبة أيضاً لا
يجوز بدون فعل المحرّم، و المحكيّ عن المحقّق في النافع
[1] ترتّب الأمور الثلاثة على ظهور أمارات النشوز من غير فرق بين الضرب
و غيره، إلّا أنّها مترتّبة على حسب مراتب النهي عن المنكر.
و
أورد عليه في الجواهر بأنّه و إن وافق ظاهر الآية
[2] بالنسبة إلى ثبوت الثلاثة على خوف النشوز، لكنّه مناف لظاهرها
بالنسبة إلى التخيير بين الثلاثة و الجمع؛ لأنّ الواو لمطلق الجمع [3]. و حكي عن ابن الجنيد أنّه جعل الأمور
الثلاثة مترتّبة على النشوز بالفعل، و لم يذكر الحكم عند ظهور أماراته، و جوّز
الجمع بين الثلاثة ابتداء من غير تفضيل [4]. و يرد عليه أنّه مخالف لظاهر الآية، حيث إنّه في مقام بيان الحكم
عند ظهور أمارات النشوز.
و
المحكيّ عن العلّامة في التحرير [5] جعل الأمور الثلاثة مترتّبة على مراتب ثلاثة من حالها، فمع ظهور
أمارات النشوز يقتصر على الوعظ، و مع تحقّقه قبل الإصرار ينتقل إلى الهجر، فإن
لم ينجع و أصرّت تنتقل إلى الضرب، فيكون معنى الآية وَ اللَّاتِى تَخَافُونَ
نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ فإنّ نشزن فاهجروهنّ في المضاجع، فإن أصررن فَاضربوهنّ.