عدم
القدرة شرعا، و مرجعه إلى حرمة العمل بالاجارة الثانية، نظرا الى كون مشروعية
العمل و إباحته معتبرة في الإجارة مطلقا، و وجوب العمل بالإجارة الاولى يقتضي كون
العمل بالإجارة الثانية محرما غير مشروع. فيرد عليه: ان الأمر بالشيء لا يقتضي
النهي عن الضد العام فضلا عن الضدّ الخاص- كما حققناه في محلّه في الأصول- فمجرد
ثبوت الوجوب لا يقتضي حرمة الترك فضلا عن الضد الخاص للواجب، فان الوجوب أمر
اعتباري بسيط و لا يكون المنع من الترك جزء من معناه و دخيلا في مفهومه. و عليه،
فالثابت بمقتضى الإجارة الأولى انّما هو مجرد وجوب الوفاء بها و لزوم الحج عن
الشخص الأول و اما حرمة الحج عن آخر فلا يكون هنا شيء يقتضي ثبوتها، حتى يقال: ان
الممنوع شرعا كالممتنع عقلا، فإنه ليس في البين ممنوعية شرعية بوجه. و قد ذكرنا في
مسألة من استقر عليه الحج: انه لا دليل على بطلان استنابته و استيجاره، و انه إذا
حج نيابة عن الغير يقع حجّه صحيحا. و عليه، فالدليل المذكور في العروة محلّ نظر بل
منع.
و
قد ذكر في كتاب الإجارة ضابطة كلية لنظائر المسألة، و هي: انّه لو آجر نفسه لعمل
مخصوص بالمباشرة في وقت معين ثم آجر نفسه لمثل ذلك العمل كذلك، اي مع قيد المباشرة
و في ذلك الوقت المعين، كما إذا آجر نفسه للخياطة لزيد في يوم معين ثم آجر نفسه
للخياطة لعمرو في ذلك اليوم، يكون المستأجر في الإجارة الأولى مخيّرا بين فسخ
الإجارة و استرجاع تمام الأجرة إذا لم يعمل له شيئا، أو بعضها إذا عمل شيئا و بين
ان يبقيها و يطالبه أجرة مثل العمل، و بين فسخ الإجارة الثانية و أخذ الأجرة
المسماة فيها.
و
عليه، فمقتضى ذلك صيرورة الإجارة الثانية فضولية، و أمر إمضائها و ردّها بيد
المستأجر الأوّل. و الوجه فيه: ان التقييد بالمباشرة مع التوقيت يوجب انتقال
منفعته الخاصة في الزمان الخاص إلى المستأجر، فكما أن إجارة الدّار سنة- مثلا-