أحدهما: ان الظاهر من حال الموصي- في أمثال المقام- ارادة عمل ينفعه، و
انما عين عملا خاصّا لكونه أنفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحج على وجه
تعدد المطلوب، و ان لم يكن متذكرا لذلك حين الوصية.
و
يرد عليه: انه لم يثبت كون الظهور في جميع الموارد. نعم، الظاهر ثبوته في
أكثرها، فلا مجال للاستدلال به، لعموم المدّعى.
ثانيهما: رواية علي بن سويد- التي رواها المشايخ الثلاثة- قال: اوصى اليّ
رجل بتركته، و أمرني أن أحجّ بها عنه، فنظرت في ذلك، فإذا شيء يسير لا يكفي للحج
فسألت أبا حنيفة و فقهاء الكوفة، فقالوا: تصدق بها عنه. فلما حججت لقيت عبد اللَّه
بن الحسن في الطواف فسألته، و قلت له: ان رجلا من مواليكم من أهل الكوفة مات فاوصى
بتركته اليّ، و أمرني أن أحجّ بها عنه، فنظرت في ذلك فلم تكلف في الحج، فسألت من
قبلنا من الفقهاء، فقالوا: تصدق بها، فتصدقت بها، فما تقول؟ فقال لي: هذا جعفر بن
محمد فاته و اسأله، قال: فدخلت الحجر فإذا أبو عبد اللَّه- ع- تحت الميزاب مقبل
بوجهه على البيت يدعو، ثم التفت فرآني، فقال:
ما
حاجتك؟ فقلت: جعلت فداك! اني رجل من أهل الكوفة من مواليكم، فقال: دع هذا عنك،
حاجتك، قلت: رجل مات فاوصى بتركته ان أحجّ بها عنه، فنظرت في ذلك فلم يكف للحج
فسألت من عندنا من الفقهاء، فقالوا:
تصدق
بها، فقال: ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها، فقال: ضمنت، الّا ان لا يبلغ ان يحج به من
مكّة، فإن كان لا يبلغ ان يحج به من مكة فليس عليك ضمان، و ان كان يبلغ ان يحج به
من مكّة فأنت ضامن. [1]
و دلالتها على لزوم مثل التصدق مع عدم بلوغها، ان يحج بها من مكة، ظاهرة،
[1] وسائل كتاب الوصايا الباب السابع و الثلاثون
ح- 2.