الثالث:
ما إذا مضى من أوّل الوقت مقدار لا يسع للإتيان بالصلاة بتلك الكيفيّة أيضاً.
وينبغي
قبل التعرّض للروايات الخاصّة الواردة في المسألة ملاحظة أدلّة القضاء العامّة،
وكذا ملاحظة الروايات الدالّة على أنّه لا تقضي الحائض الصلاة، فنقول:
أمّا
أدلّة القضاء العامّة، فيظهر من بعضها أنّ وجوب القضاء معلّق على عنوان الفوت، ومن
بعضها وجوبه فيما إذا ترك المكلّف ما كانت مكتوبة عليه في الوقت من الفريضة،
كصحيحة زرارة المتقدّمة [1] في مسألة التطوّع في وقت الفريضة، المشتملة على قوله عليه السلام:
ولا يتطوّع بركعة حتى يقضي الفريضة كلّها.
أمّا
ما علّق فيه الوجوب على عنوان الفوت، فالظاهر أنّ الفوت ليس معناه مجرّد عدم الإتيان
مطلقاً؛ ضرورة أنّ ترك الصلاة للحائض في جميع الوقت لا يوجب تحقّق عنوان الفوت؛
فإنّ حرمة الصلاة لا تكاد تجتمع مع عنوان الفوت؛ فإنّ المتفاهم عرفاً من هذا
العنوان هو ذهاب شيء مرغوب فيه عن يد المكلّف؛ سواء كان لازماً أو راجحاً، فإذا
كان العمل ذا مفسدة أو غير راجح عقلًا وشرعاً، فلا ينطبق على تركه عنوان الفوت.
نعم،
لا يكون صدقه متوقّفاً على ثبوت التكليف بالأداء؛ فإنّه قد يتحقّق مع عدم ثبوت هذا
التكليف أيضاً، كما في النائم والناسي ومن اكره على ترك الصلاة بحيث صار اللّازم
على المكلّف تركها؛ فإنّ صدق الفوت فيهم إنّما هو لأجل ذهاب مثوبة الصلاة ومصلحتها
من يدها، والإكراه لا يوجب