يابن اللخناء، أما واللّه لو كان عندي إنسان أمرته أن يجأ أنفك.[1]
لقد كان السائل في حيرة من أمر القدر فسأل الخليفة عن كون الزنا مقدَّراً من اللّه أم لا؟ فلما أجاب الخليفة بنعم، استغرب من ذلك، لأنّ العقل لا يسوّغ تقديره سبحانه شيئاً بمعنى سلب الاختيار عن الإنسان في فعله أو تركه ثمّ تعذيبه عليه، ولذلك قال: فإنّ اللّه قدّره عليّ ثمّ يعذبني؟! فعند ذاك أقرّه الخليفة على ما استغربه وقال: «نعم يابن اللخناء...».
2. كانت العرب تدين بالتجسيم والتشبيه، وتعتقد انّ إله العالم بصورة الصنم والوثن الذي يُعبد حتّى اتخذت كلّ قبيلة لنفسها ربّاً، وصارت الجزيرة العربية مسرحاً للأصنام ومستودعاً للأوثان، ويتجلّى هذا الأمر من قول شاعرهم الذي أسلم وراح يستنكر التجسيم وعبادة الأصنام المتعدّدة الخارجة عن العدد والإحصاء :
أربّاً واحداً أم ألف ربّ *** أدين إذا تقسّمت الأُمور؟
عزلت اللاّت والعزّى جميعاً *** كذلك يفعل الجلِدُ الصبُور
ولكن اعبد الرحمن ربّي *** ليغفر ذنبي الربّ الغفور[2]
إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة التي كانت العرب تدين بها، وهذا
[1]تاريخ الخلفاء: 95. [2]بلوغ الارب في معرفة أحوال العرب:2/249. والأبيات لزيد بن نفيل الذي فارق الوثنية قبل البعثة.