المستعمرين، وهاهنا نشير إلى بعض المسائل الكلامية الّتي طرحت لغرض إيجاد البلبلة الفكرية وتشويش أذهان الجامعيين وسوقهم إلى الشك والإلحاد.
1. فصل السياسة عن الدين
إنّ فصل السياسة عن الدين من أهمّ خططهم حتّى يحصروا علماء الدين في زوايا المساجد لكي لا يكون لهم شأن سوى الدعاء والأوراد، وعند ذلك يسهل لهم السيطرة على العباد والبلاد.
فلو أُريد من الدين، الدين الرائج في البلاد المسيحية حيث إنّ أصحاب الكنائس ليس لهم شأن إلاّ الدعاء وقراءة الأوراد في يوم واحد من أيام الأسبوع وترك الناس على أحوالهم دون تدخل في شأن من شؤون حياتهم، فالحق عدم وجود الصلة بين السياسة والدين.
ولو أُريد منه، خاتمة الشرائع ـ أعني: شريعة الإسلام ـ فكتابها وسنّتها يصوّران السياسة والدين لحمة وسدى للشريعة، ففصل أحدهما عن الآخر محو لها، فكيف يمكن فصلها عن الدين إذا فسّرت السياسة بتدبير أُمور الأُمّة في معاشهم ومعادهم، وقد طفح الكتاب والسنّة بأُصول تتكفّل تدبير حياة المسلمين. يقول سبحانه: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقامُوا الصَّلَوةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللّهِ عاقِبَةُ الأُمورِ).[1]
فالصلاة صلة العبد باللّه سبحانه، والزكاة صلة الإنسان بالمجتمع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو تدبير حياة الأُمّة بدفعها إلى المعروف ونهيها عن المنكر بأساليب مختلفة تقتضيها مصالح العصر.