قدعرفت أنّ ذاته سبحانه وأسماءه وصفاته، وإن كانت غير مسانخة
لمدركات العالم المحسوس، لكنّها ليست على نحو يستحيل التعرّف عليها
بوجه من الوجوه، ومن هنا نجد أنّ الحكماء و المتكلّمين يسلكون طرقاً
مختلفة للتعرّف على ملامح العالم الربوبي، وها نحن نشير إلى هذه الطرق:
الاَوّل: الطريق العقلي
إذا ثبت كونه سبحانه غنيّاً غير محتاج إلى شيء، فإنّ هذا الاَمر يمكن
أن يكون مبدأً لاِثبات كثير من الصفات الجلالية، فانّ كلّ وصف استلزم
خللاً في غناه و نقصاً له، انتفى عنه ولزم سلبه عن ذاته.
وقد سلك الفيلسوف الاِسلامي نصير الدين الطوسي هذا السبيل
للبرهنة على جملة من الصفات الجلالية حيث قال:
«وجوب الوجود يدلُّ على سرمديته، ونفي الزائد، والشريك،
والمثل، والتركيب بمعانيه، والضد، و التحيّز، و الحلول، والاتحاد، والجهة،
وحلول الحوادث فيه، و الحاجة، والاَلم مطلقاً، واللذة المزاجية، والمعاني،
والاَحوال، والصفات الزائدة والروَية».
بل انطلق المحقّق من نفس هذه القاعدة لاِثبات سلسلة من الصفات
الثبوتية حيث قال: