responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 99

لأن ما صار ضروريا في حق شخص،فلا يمنعه من الغيظ استغناء غيره عنه.فالرياضة فيه تمنع العمل به،و تضعف هيجانه في الباطن،حتى لا يشتد التألم بالصبر عليه

و أما القسم الثاني:

فيمكن التوصل بالرياضة إلى الانفكاك عن الغضب عليه،إذ يمكن إخراج حبه من القلب .و ذلك بأن يعلم الإنسان أن وطنه القبر،و مستقره الآخرة،و إن الدنيا معبر يعبر عليها،و يتزود منها قدر الضرورة،و ما وراء ذلك عليه و بال في وطنه و مستقره فيزهد في الدنيا،و يمحو حبها عن قلبه.و لو كان للإنسان كلب لا يحبه،لا يغضب إذا ضربه غيره.فالغضب تبع للحب.فالرياضة في هذا تنتهي إلى قمع أصل الغضب،و هو نادر جدا و قد تنتهي إلى المنع من استعمال الغضب،و العمل بموجبه،و هو أهون فإن قلت:الضروري من القسم الأول التألم بفوات المحتاج إليه دون الغضب.فمن له شاة مثلا و هي قوته ،فماتت،لا يغضب على أحد،و إن كان يحصل فيه كراهة.و ليس من ضرورة كل كراهة غضب،فإن الإنسان يتألم بالفصد و الحجامة،و لا يغضب على الفصاد و الحجام.فمن غلب عليه التوحيد،حتى يرى الأشياء كلها بيد اللّه و منه،فلا يغضب على أحد من خلقه،إذ يراهم مسخرين في قبضة قدرته،كالقلم في يد الكاتب،و من وقع ملك بضرب رقبته لم يغضب على القلم،فلا يغضب على من يذبح شاته التي هي قوته،كما لا يغضب على موتها،إذ يرى الذبح و الموت من اللّه عز و جل،فيندفع الغضب بغلبة التوحيد،و يندفع أيضا بحسن الظن باللّه،و هو أن يرى أن الكل من اللّه،و أن اللّه لا يقدر له إلا ما فيه الخيرة و ربما تكون الخيرة في مرضه،و جوعه،و جرحه و قتله،فلا يغضب،كما لا يغضب على الفصاد و الحجام،لأنه يرى أن الخيرة فيه.فنقول هذا على هذا الوجه غير محال و لكن غلبة التوحيد إلى هذا الحد،إنما تكون كالبرق الخاطف،تغلب في أحوال مختطفة و لا تدوم،و يرجع القلب إلى الالتفات إلى الوسائط،رجوعا طبيعيا لا يندفع عنه.و لو تصور ذلك على الدوام لبشر،لتصور لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم[1]فإنه كان يغضب

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست