responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 188

و ليس الموت عدما.

إنما هو فراق لمحاب الدنيا،و قدوم على اللّه تعالى.فإذا سالك طريق الآخرة هو المواظب على أسباب هذه الصفات الثلاث،و هي الذكر،و الفكر، و العمل الذي يفطمه عن شهوات الدنيا،و يبغض إليه ملاذها،و يقطعه عنها.و كل ذلك لا يمكن إلا بصحة البدن.و صحة البدن لا تنال إلا بقوت،و ملبس،و مسكن، و يحتاج كل واحد إلى أسباب.فالقدر الذي لا بد منه من هذه الثلاثة،إذا أخذه العبد من الدنيا للآخرة،لم يكن من أبناء الدنيا،و كانت الدنيا في حقه مزرعة للآخرة.و إن أخذ ذلك لحظ النفس ،و على قصد التنعم،صار من أبناء الدنيا،و الراغبين في حظوظها.إلا أن الرغبة في حظوظ الدنيا تنقسم إلى ما يعرض صاحبه لعذاب الآخرة،و يسمى ذلك حراما،و إلى ما يحول بينه و بين الدرجات العلا،و يعرضه لطول الحساب،و يسمى ذلك حلالا.و البصير يعلم أن طول الموقف في عرصات القيامة لأجل المحاسبة أيضا عذاب، [1]فمن نوقش الحساب عذب ،إذ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم[2]«حلالها حساب و حرامها عذاب»و قد قال أيضا«حلالها عذاب»إلا أنه عذاب أخف من عذاب الحرام بل لو لم يكن الحساب،لكان ما يفوت من الدرجات العلى في الجنة،و ما يرد على القلب من التحسر على تفويتها لحظوظ حقيرة خسيسة لا بقاء لها،هو أيضا عذاب.و قس به حالك في الدنيا،إذا نظرت إلى أقرانك و قد سبقوك بسعادات دنيوية،كيف يتقطع قلبك عليها حسرات،مع علمك بأنها سعادات منصرمة لا بقاء لها،و منغصة بكدورات لا صفاء لها.فما حالك في فوات سعادة لا يحيط الوصف بعظمتها،و تنقطع الدهور دون غايتها فكل من تنعم في الدنيا و لو بسماع صوت من طائر ،أو بالنظر إلى خضرة،أو شربة ماء بارد،فإنه ينقص من حظه في الآخرة أضعافه.و هو المعنى بقوله صلى اللّه عليه و سلم لعمر رضى اللّه عنه[3]«هذا من النّعيم الّذي تسأل عنه»أشار به إلى الماء البارد ،و التعرض لجواب السؤال فيه ذل،و خوف،و خطر،و مشقة،و انتظار.و كل ذلك من نقصان

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست