responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 98

فإذا صلحت هذه القوة،حصل منها ثمرة الحكمة.و الحكمة رأس الأخلاق الحسنة.

و هي التي قال اللّه فيها وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [1]و أما قوة الغضب،فحسنها في أن يصير انقباضها و انبساطها على حد ما تقتضيه الحكمة و كذلك الشهوة حسنها و صلاحها في أن تكون تحت إشارة الحكمة.أعنى إشارة العقل و الشرع و أما قوة العدل فهو ضبط الشهوة و الغضب تحت إشارة العقل و الشرع.فالعقل مثله مثال الناصح المشير.و قوة العدل هي القدرة،و مثالها مثال المنفذ الممضى لإشارة العقل.

و الغضب هو الذي تنفذ فيه الإشارة،و مثاله مثال كلب الصيد،فإنه يحتاج إلى أن يؤدب حتى يكون استرساله و توقفه بحسب الإشارة،لا بحسب هيجان شهوة النفس.و الشهوة مثالها مثال الفرس الذي يركب في طلب الصيد،فإنه تارة يكون مروضا مؤدبا، و تارة يكون جموحا.

فمن استوت فيه هذه الخصال و اعتدلت،فهو حسن الخلق مطلقا.و من اعتدل فيه بعضها دون البعض،فهو حسن الخلق بالإضافة إلى ذلك المعنى خاصة.كالذي يحسن بعض أجزاء وجهه دون بعض.و حسن القوة الغضبية و اعتدالها يعبر عنه بالشجاعة.و حسن قوة الشهوة و اعتدالها يعبر عنه بالعفة.فإن مالت قوة الغضب عن الاعتدال إلى طرف الزيادة تسمى تهورا.و إن مالت إلى الضعف و النقصان تسمى جبنا و خورا. و إن مالت قوة الشهوة إلى طرف الزيادة تسمى شرها.و إن مالت إلى النقصان تسمى جمودا.و المحمود هو الوسط و هو الفضيلة. و الطرفان رذيلتان مذمومتان.و العدل إذا فات فليس له طرفا زيادة و نقصان بل له ضد واحد و مقابل،و هو الجور.و أما الحكمة،فيسمى إفراطها عند الاستعمال في الأغراض الفاسدة خبثا و جربزة و يسمى تفريطها بلها.و الوسط هو الذي يختص باسم الحكمة فإذا أمهات الأخلاق و أصولها أربعة،الحكمة،و الشجاعة،و العفة،و العدل.و نعني بالحكمة:حالة للنفس بها يدرك الصواب من الخطأ في جميع الأفعال الاختيارية.و نعني بالعدل حالة للنفس و قوة بها تسوس الغضب و الشهوة و تحملهما على مقتضى الحكمة


[1] البقرة:229

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست