responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 9

بيان جنود القلب

قال اللّه تعالى وَ مٰا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّٰ هُوَ [1]فلله سبحانه في القلوب و الأرواح و غيرها من العوالم جنود مجندة،لا يعرف حقيقتها و تفصيل عددها إلا هو.و نحن الآن نشير إلى بعض جنود القلب،فهو الذي يتعلق بغرضنا.و له جندان:جند يرى بالأبصار،و جند لا يرى إلا بالبصائر.و هو في حكم الملك،و الجنود في حكم الخدم و الأعوان.فهذا معنى الجند

فأما جنده المشاهد بالعين

،فهو اليد و الرجل،و العين و الأذن و اللسان،و سائر الأعضاء الظاهرة و الباطنة،فإن جميعها خادمة للقلب،و مسخرة له،فهو المتصرف فيها،و المردد لها و قد خلقت مجبولة على طاعته،لا تستطيع له خلافا،و لا عليه تمردا فإذا أمر العين بالانفتاح انفتحت،و إذا أمر الرجل بالحركة تحركت،و إذا أمر اللسان بالكلام و جزم الحكم به تكلم.و كذا سائر الأعضاء.و تسخير الأعضاء و الحواس للقلب يشبه من وجه تسخير الملائكة للّٰه تعالى،فإنهم مجبولون على الطاعة، لا يستطيعون له خلافا،بل لا يعصون اللّه ما أمرهم،و يفعلون ما يؤمرون.و إنما يفترقان في شيء،و هو أن الملائكة عليهم السلام عالمة بطاعتها و امتثالها،و الأجفان تطيع القلب في الانفتاح و الانطباق على سبيل التسخير و لا خبر لها من نفسها و من طاعتها للقلب و إنما افتقر القلب إلى هذه الجنود،من حيث افتقاره إلى المركب و الزاد لسفره الذي لأجله خلق،و هو السفر إلى اللّه سبحانه،و قطع المنازل إلى لقائه.فلأجله خلقت القلوب قال اللّه تعالى وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ [2]و إنما مركبه البدن،و زاده العلم و إنما الأسباب التي توصله إلى الزاد ما يمكنه من التزود منه،هو العمل الصالح.و ليس يمكن العبد أن يصل إلى اللّه سبحانه،ما لم يسكن البدن، و لم يجاوز الدنيا،فإن المنزل الأدنى لا بد من قطعه للوصول إلى المنزل الأقصى.فالدنيا مزرعة الآخرة،و هي منزل من منازل الهدى،و إنما سميت دنيا لأنها أدنى المنزلتين.فاضطر إلى أن يتزود من هذا العالم،فالبدن مركبه الذي يصل به إلى هذا العالم.فافتقر إلى تعهد البدن و حفظه.و إنما يحفظ البدن


[1] المدثر:13

[2] الذاريات:56

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست