responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 30

حتى يعرض في معرض الامتان. و لذلك سمى ضد إدراكه عمى،فقال تعالى فَإِنَّهٰا لاٰ تَعْمَى الْأَبْصٰارُ وَ لٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [1]و قال تعالى وَ مَنْ كٰانَ فِي هٰذِهِ أَعْمىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمىٰ وَ أَضَلُّ سَبِيلاً [2]فهذا بيان العلم العقلي

أما العلوم الدينية

،فهي المأخوذة بطريق التقليد من الأنبياء صلوات اللّه عليهم و سلامه.

و ذلك يحصل بالتعلم لكتاب اللّه تعالى و سنة رسوله صلى اللّه عليه و سلم،و فهم معانيهما بعد السماع.و به كمال صفة القلب،و سلامته عن الادواء و الأمراض،فالعلوم العقلية غير كافية في سلامة القلب،و إن كان محتاجا إليها.كما أن العقل غير كاف في استدامة صحة أسباب البدن، بل يحتاج إلى معرفة خواص الأدوية و العقاقير بطريق التعلم من الأطباء.إذ مجرد العقل لا يهتدى إليه،و لكن لا يمكن فهمه بعد سماعه إلا بالعقل،فلا غنى بالعقل عن السماع، و لا غنى بالسماع عن العقل.فالداعى إلى محض التقليد مع عزل العقل بالكلية جاهل،و المكتفي بمجرد العقل عن أنوار القرءان و السنة مغرور.فإياك أن تكون من أحد الفريقين، و كن جامعا بين الأصلين،فإن العلوم العقلية كالأغذية،و العلوم الشرعية كالأدوية.و الشخص المريض يستضر بالغذاء متى فاته الدواء.فكذلك أمراض القلوب لا يمكن علاجها إلا بالأدوية المستفادة من الشريعة،و هي وظائف العبادات و الأعمال التي ركبها الأنبياء صلوات اللّه عليهم لإصلاح القلوب.فمن لا يداوي قلبه المريض بمعالجات العبادة الشرعية،و اكتفى بالعلوم العقلية،استضر بها كما يستضر المريض بالغذاء و ظن من يظن أن العلوم العقلية مناقضة العلوم الشرعية، و أن الجمع بينهما غير ممكن،هو ظن صادر عن عمى في عين البصيرة،نعوذ باللّه منه.بل هذا القائل ربما يناقض عنده بعض العلوم الشرعية لبعض،فيعجز عن الجمع بينهما،فيظن أنه تناقض في الدين،فيتحير به، فينسل من الدين انسلال الشعرة من العجين.و انما ذلك لأن عجزه في نفسه خيل إليه نقضا في الدين،و هيهات.و إنما مثاله مثال الأعمى الذي دخل دار قوم،فتعثر فيها بأوانى الدار، فقال لهم ما بال هذه الأواني تركت على الطريق؟لم لا ترد إلى موضعها؟فقالوا له تلك الأواني


[1] الحج:46

[2] الاسراء:72

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست