responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 174

و مهما اشتهى شيئا من الطعام و طيبات الفواكه،فينبغي أن يترك الخبز و يأكلها بدلا منه،لتكون قوتا،و لا تكون تفكها،لئلا يجمع للنفس بين عادة و شهوة،نظر سهل إلى ابن سالم و في يده خبز و تمر،فقال له ابدأ بالتمر،فإن قامت كفايتك به،و إلا أخذت من الخبز بعده بقدر حاجتك و مهما وجد طعاما لطيفا و غليظا،فليقدم اللطيف،فإنه لا يشتهي الغليظ بعده.و لو قدم الغليظ لأكل اللطيف أيضا للطافته .و كان بعضهم يقول لأصحابه،لا تأكلوا الشهوات، فإن أكلتموها فلا تطلبوها،فإن طلبتموها فلا تحبوها.و طلب بعض أنواع الخبز شهوة.

قال عبد اللّه بن عمر رحمة اللّه عليهما،ما أتينا من العراق فاكهة أحب إلينا من الخبز.فرأى ذلك الخبز فاكهة و على الجملة،لا سبيل إلى إهمال النفس في الشهوات المباحات،و اتباعها بكل حال.فبقدر ما يستوفى العبد من شهوته،يخشى أن يقال له يوم القيامة أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا و استمتعتم بها.و بقدر ما يجاهد نفسه،و يترك شهوته،يتمتع في الدار الآخرة بشهواته .قال بعض أهل البصرة،نازعتني نفسي خبز أرز و سمكا فمنعتها،فقويت مطالبتها،و اشتدت مجاهدتى لها عشرين سنة.فلما مات قال بعضهم رأيته في المنام،فقلت ما ذا فعل اللّه بك؟قال لا أحسن أن أصف ما تلقاني به ربي من النعم و الكرامات.و كان أول شيء استقبلني به خبز أرز و سمكا و قال كل اليوم شهوتك هنيئا بغير حساب.و قد قال تعالى كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِمٰا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّٰامِ الْخٰالِيَةِ [1]و كانوا قد أسلفوا ترك الشهوات .و لذلك قال أبو سليمان،ترك شهوة من الشهوات أنفع للقلب من صيام سنة و قيامها.وفقنا اللّه لما يرضيه

بيان
اختلاف حكم الجوع و فضيلته و اختلاف أحوال الناس فيه

اعلم أن المطلوب الأقصى في جميع الأمور و الأخلاق الوسط.

إذ خير الأمور أوساطها و كلا طرفي قصد الأمور ذميم .و ما أوردناه في فضائل الجوع ربما يومئ إلى أن الإفراط


[1] الحاقة:34

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست