نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 6 صفحه : 95
و بقوله تعالى وَ فِي الْأَرْضِ آيٰاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلاٰ تُبْصِرُونَ [1]و على القعود عن هذا السفر وقع الإنكار بقوله تعالى: وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلاٰ تَعْقِلُونَ [2]و بقوله سبحانه: وَ كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهٰا وَ هُمْ عَنْهٰا مُعْرِضُونَ [3]فمن يسر له هذا السفر لم يزل في سيره متنزها في جنة عرضها السموات و الأرض،و هو ساكن بالبدن،مستقر في الوطن، و هو السفر الذي لا تضيق فيه المناهل و الموارد،و لا يضر فيه التزاحم و التوارد،بل تزيد بكثرة المسافرين غنائمه و تتضاعف ثمراته و فوائده،فغنائمه دائمة غير ممنوعة،و ثمراته متزايدة غير مقطوعة، إلا إذا بدا للمسافر فترة في سفره،و وقفة في حركته،فإن اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم و إذا زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم و ما اللّه بظلام للعبيد و لكنهم يظلمون أنفسهم و من لم يؤهل للجولان في هذا الميدان و التطواف في منتزهات هذا البستان،ربما سافر بظاهر بدنه،في مدة مديدة فراسخ معدودة،مغتنما بها تجارة للدنيا أو ذخيرة للآخرة فإن كان مطلبه العلم و الدين،أو الكفاية للاستعانة على الدين،كان من سالكي سبيل الآخرة و كان له في سفره شروط و آداب إن أهملها كان من عمال الدنيا و أتباع الشيطان،و إن واظب عليها لم يخل سفره عن فوائد تلحقه بعمال الآخرة،و نحن نذكر آدابه و شروطه في بابين إن شاء اللّه تعالى الباب الأول:في الآداب من أول النهوض إلى آخر الرجوع و في نية السفر و فائدته،و فيه فصلان:
الباب الثاني:فيما لا بد للمسافر من تعلمه من رخص السفر و أدلة القبلة و الأوقات