responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 63

الفائدة الأولى
التفرغ للعبادة و الفكر

، و الاستئناس بمناجاة اللّه تعالى عن مناجاة الخلق،و الاشتغال باستكشاف أسرار اللّه تعالى في أمر الدنيا و الآخرة،و ملكوت السموات و الأرض،فإن ذلك يستدعى فراغا،و لا فراغ مع المخالطة.فالعزلة وسيلة إليه.و لهذا قال بعض الحكماء لا يتمكن أحد من الخلوة إلا بالتمسك بكتاب اللّه تعالى و المتمسكون بكتاب اللّه تعالى هم الذين استراحوا من الدنيا بذكر اللّه،الذاكرون اللّه باللّه،عاشوا بذكر اللّه،و ماتوا بذكر اللّه و لقوا اللّه بذكر اللّه.و لا شك في أن هؤلاء تمنعهم المخالطة عن الفكر و الذكر،فالعزلة أولى بهم.و لذلك كان صلّى اللّه عليه و سلم[1]في ابتداء أمره يتبتل في جبل حراء، و ينعزل إليه،حتى قوي فيه نور النبوة، فكان الخلق لا يحجبونه عن اللّه،فكان ببدنه مع الخلق و بقلبه مقبلا على اللّه تعالى،حتى كان الناس يظنون أن أبا بكر خليله،فأخبر النبي صلّى اللّه عليه و سلم عن استغراق همه باللّه فقال[2]«لو كنت متّخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا و لكنّ صاحبكم خليل اللّه»و لن يسع الجمع بين مخالطة الناس ظاهرا،و الإقبال على اللّه سرا،إلا قوة النبوة. فلا ينبغي أن يغتر كل ضعيف بنفسه فيطمع في ذلك و لا يبعد أن تنتهي درجة بعض الأولياء إليه.فقد نقل عن الجنيد أنه قال:أنا أكلم اللّه منذ ثلاثين سنة،و الناس يظنون أنى أكلمهم.و هذا إنما يتيسر للمستغرق بحب اللّه استغراقا لا يبقى لغيره فيه متسع.و ذلك غير منكر.ففي المشتهرين بحب الخلق،من يخالط الناس ببدنه،و هو لا يدرى ما يقول،و لا ما يقال له،لفرط عشقه لمحبوبه،بل الذي دهاه مسلّم يشوش عليه أمرا من أمور دنياه،فقد يستغرقه لهم بحيث يخالط الناس و لا يحس بهم

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست