responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 156

بالأصوات من دقائق علوم المكاشفات، و البليد الجامد القاسي القلب،المحروم عن لذة السماع،يتعجب من التذاذ المستمع و وجده،و اضطراب حاله،و تغير لونه،تعجب البهيمة من لذة اللوزينج،و تعجب العنين من لذة المباشرة،و تعجب الصبي من لذة الرئاسة و اتساع أسباب الجاه،و تعجب الجاهل من لذة معرفة اللّه تعالى و معرفة جلاله و عظمته،و عجائب صنعه،و لكل ذلك سبب واحد،و هو أن اللذة نوع إدراك،و الإدراك يستدعى مدركا و يستدعى قوة مدركة،فمن لم تكمل قوة إدراكه لم يتصور منه التلذذ،فكيف يدرك لذة الطعوم من فقد الذوق،و كيف يدرك لذة الألحان من فقد السمع،و لذة المعقولات من فقد العقل،و كذلك ذوق السماع بالقلب بعد وصول الصوت إلى السمع يدرك بحاسة باطنة في القلب فمن فقدها عدم لا محالة لذته،و لعلك تقول كيف يتصور العشق في حق اللّه تعالى حتى يكون السماع محركا له فاعلم أن من عرف اللّه أحبه لا محالة،و من تأكدت معرفته تأكدت محبته بقدر تأكد معرفته،و المحبة إذا تأكدت سميت عشقا، فلا معنى للعشق إلا محبة مؤكدة مفرطة،و لذلك قالت العرب:إن محمدا قد عشق ربه لما رأوه يتخلى للعبادة في جبل حراء و اعلم أن كل جمال محبوب عند مدرك ذلك الجمال،و اللّه تعالى جميل يحب الجمال و لكن الجمال إن كان بتناسب الخلقة،و صفاء اللون،أدرك بحاسة البصر،و إن كان الجمال بالجلال و العظمة،و علو الرتبة،و حسن الصفات و الأخلاق و إرادة الخيرات لكافة الخلق،و إفاضتها عليهم على الدوام،إلى غير ذلك من الصفات الباطنة أدرك بحاسة القلب،و لفظ الجمال قد يستعار أيضا لها،فيقال إن فلانا حسن و جميل،و لا تراد صورته،و إنما يعنى به أنه جميل الأخلاق محمود الصفات،حسن السيرة،حتى قد يحب الرجل بهذه الصفات الباطنة استحسانا لها،كما تحب الصورة الظاهرة،و قد تتأكد هذه المحبة فتسمى عشقا، و كم من الغلاة في حب أرباب المذاهب،كالشافعي،و مالك،و أبي حنيفة،رضي اللّه عنهم حتى يبذلوا أموالهم و أرواحهم في نصرتهم و موالاتهم،و يزيدوا على كل عاشق في الغلو و المبالغة،و من العجب أن يعقل عشق شخص لم تشاهد قط صورته،أ جميل هو أم قبيح و هو الآن ميت و لكن لجمال صورته الباطنة،و سيرته المرضية،و الخيرات الحاصلة من عمله لأهل الدين

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست