responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 138

فيقول:قال اللّٰه عز و جل: (اذْهَبْ إِلىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغىٰ [1]) و يشير إلى قلبه و يومئ إلى أنه المراد بفرعون:و هذا الجنس قد يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة تحسينا للكلام و ترغيبا للمستمع و هو ممنوع،و قد تستعمله الباطنية في المقاصد الفاسدة لتغرير الناس و دعوتهم إلى مذهبهم الباطل فينزلون القرءان على وفق رأيهم و مذهبهم على أمور يعلمون قطعا أنها غير مرادة به فهذه الفنون أحد وجهي المنع من التفسير بالرأي،و يكون المراد بالرأي الرأي الفاسد الموافق للهوى دون الاجتهاد الصحيح و الرأي يتناول الصحيح و الفاسد و الموافق للهوى قد يخصص باسم الرأي

و الوجه الثاني:أن يتسارع إلى تفسير القرءان

بظاهر العربية من غير استظهار بالسماع و النقل فيما يتعلق بغرائب القرءان،و ما فيه من الألفاظ المبهمة و المبدلة،و ما فيه من الاختصار و الحذف و الاضمار و التقديم و التأخير.فمن لم يحكم ظاهر التفسير و بادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه،و دخل في زمرة من يفسر بالرأي.فالنقل و السماع لا بد منه في ظاهر التفسير أولا،ليتقى به مواضع الغلط،ثم بعد ذلك يتسع التفهم و الاستنباط و الغرائب التي لا تفهم إلا بالسماع كثيرة،و نحن نرمز إلى جمل منها،ليستدل بها على أمثالها،و يعلم أنه لا يجوز التهاون بحفظ التفسير الظاهر أولا،و لا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر.و من ادعى فهم أسرار القرءان و لم يحكم التفسير الظاهر فهو كمن يدعى البلوغ إلى صدر البيت قبل مجاوزة الباب،أو يدعى فهم مقاصد الأتراك من كلامهم و هو لا يفهم لغة الترك،فان ظاهر التفسير يجرى مجرى تعليم اللغة التي لا بد منها للفهم

و ما لا بد فيه من السماع فنون كثيرة:

منها الايجاز بالحذف و الاضمار

كقوله تعالى:

(وَ آتَيْنٰا ثَمُودَ النّٰاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهٰا [2]) معناه آية مبصرة فظلموا أنفسهم بقتلها.فالناظر إلى ظاهر العربية يظن أن المراد به أن الناقة كانت مبصرة و لم تكن عمياء،و لم يدر أنهم بما ذا ظلموا و أنهم ظلموا غيرهم أو أنفسهم.و قوله تعالى: (وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ [3]) أي حب العجل،فحذف الحب.و قوله عز و جل: (إِذاً لَأَذَقْنٰاكَ ضِعْفَ الْحَيٰاةِ وَ ضِعْفَ الْمَمٰاتِ [4]) أي ضعف عذاب الأحياء،و ضعف عذاب الموتى،فحذف العذاب و أبدل الأحياء و الموتى


[1] طه:24

[2] الإسراء:59

[3] البقرة:93

[4] الاسراء:75

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست