responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 133

شيئا من الشرك الخفي،بل التوحيد الخالص أن لا يرى في كل شيء إلا اللّٰه عز و جل

العاشر:التبري

،و أعنى به أن يتبرأ من حوله و قوته و الالتفات إلى نفسه بعين الرضا و التزكية،فإذا تلا آيات الوعد و المدح للصالحين فلا يشهد نفسه عند ذلك،بل يشهد الموقنين و الصديقين فيها،و يتشوف إلى أن يلحقه اللّٰه عز و جل بهم.و إذا تلا آيات المقت و ذم العصاة و المقصرين شهد على نفسه هناك و قدر أنه المخاطب خوفا و إشفاقا .و لذلك كان ابن عمر رضى اللّٰه عنهما يقول:اللهم إنى أستغفرك لظلمى و كفرى.فقيل له هذا الظلم فما بال الكفر؟فتلا قوله عز و جل: (إِنَّ الْإِنْسٰانَ لَظَلُومٌ كَفّٰارٌ [1]) و قيل ليوسف بن أسباط:إذا قرأت القرءان بما ذا تدعو؟فقال:بما ذا أدعو؟أستغفر اللّٰه عز و جل من تقصيرى سبعين مرة فإذا رأى نفسه بصورة التقصير في القراءة كان رؤيته سبب قربه،فان من شهد العبد في القرب لطف به في الخوف حتى يسوقه الخوف إلى درجة أخرى في القرب وراءها،و من شهد القرب في البعد مكر به بالأمن الذي يفضيه إلى درجة أخرى في البعد أسفل مما هو فيه،و مهما كان مشاهدا نفسه بعين الرضا صار محجوبا بنفسه،فإذا جاوز حدّ الالتفات إلى نفسه و لم يشاهد إلا اللّٰه تعالى في قراءته كشف له سر الملكوت.قال أبو سليمان الدارنى رضى اللّٰه عنه:وعد ابن ثوابان أخا له أن يفطر عنده فأبطأ عليه حتى طلع الفجر،فلقيه أخوه من الغد فقال له.وعدتني أنك تفطر عندي فأخلفت فقال:لو لا ميعادى معك ما أخبرتك بالذي حبسني عنك:إنى لما صليت العتمة قلت أوتر قبل أن أجيئك لأني لا آمن ما يحدث من الموت،فلما كنت في الدعاء من الوتر رفعت إلىّ روضة خضراء فيها أنواع الزهر من الجنة فما زلت أنظر إليها حتى أصبحت و هذه المكاشفات لا تكون إلا بعد التبري عن النفس و عدم الالتفات إليها والى هواها ثم تخصص هذه المكاشفات بحسب أحوال المكاشف:فحيث يتلو آيات الرجاء و يغلب على حاله الاستبشار تنكشف له صورة الجنة فيشاهدها كأنه يراها عيانا،و إن غلب عليه الخوف كوشف بالنار حتى يرى أنواع عذابها،و ذلك لأن كلام اللّٰه عز و جل يشتمل على السهل اللطيف


[1] إبراهيم:34

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست