responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 86

القدرة و الحكمة تبهرك عجائب الحضرة الربانية و العجب كل العجب ممن يرى خطّا حسنا،أو نقشا حسنا على حائط فيستحسنه، فيصرف جميع همه إلى التفكر في النقاش و الخطاط،و أنه كيف نقشه و خطه و كيف اقتدر عليه،و لا يزال يستعظمه في نفسه و يقول ما أحذقه،و ما أكمل صنعته و أحسن قدرته، ثم ينظر إلى هذه العجائب في نفسه و في غيره،ثم يغفل عن صانعه و مصوره،فلا تدهشه عظمته،و لا يحيره جلاله و حكمته.فهذه نبذة من عجائب بدنك التي لا يمكن استقصاؤها،فهو أقرب مجال لفكرك،و أجلى شاهد على عظمة خالقك،و أنت غافل عن ذلك،مشغول ببطنك و فرجك،لا تعرف من نفسك إلا أن تجوع فتأكل،و تشبع فتنام،و تشتهي فتجامع،و تغضب فتقاتل،و البهائم كلها تشاركك في معرفة ذلك و إنما خاصية الإنسان التي حجبت البهائم عنها،معرفة اللّه تعالى بالنظر في ملكوت السموات و الأرض،و عجائب الآفاق و الأنفس،إذ بها يدخل العبد في زمرة الملائكة المقربين و يحشر في زمرة النبيين و الصديقين مقربا من حضرة رب العالمين.و ليست هذه المنزلة للبهائم،و لا لإنسان رضي من الدنيا بشهوات البهائم، فإنه شر من البهائم بكثير إذ لا قدرة للبهيمة على ذلك،و أما هو فقد خلق اللّه له القدرة ثم عطلها،و كفر نعمة اللّه فيها، فأولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا و إذا عرفت طريق الفكر في نفسك فتفكر في الأرض التي هي مقرك،ثم في أنهارها، و بحارها،و جبالها،و معادنها،ثم ارتفع منها إلى ملكوت السموات

[طريق الفكر في الأرض]

أما الأرض فمن آياته أن خلق الأرض فراشا و مهادا،و سلك فيها سبلا فجاجا،و جعلها ذلولا لتمشوا في مناكبها،و جعلها قارة لا تتحرك،و أرسى فيها الجبال أوتادا لها تمنعها من أن تميد،ثم وسع أكنافها حتى عجز الآدميون عن بلوغ جميع جوانبها و إن طالت أعمارهم و كثر تطوافهم،فقال تعالى وَ السَّمٰاءَ بَنَيْنٰاهٰا بِأَيْدٍ وَ إِنّٰا لَمُوسِعُونَ وَ الْأَرْضَ فَرَشْنٰاهٰا فَنِعْمَ الْمٰاهِدُونَ [1]و قال تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنٰاكِبِهٰا [2]و قال تعالى اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرٰاشاً [3]


[1] الذاريات:47،48

[2] الملك:15

[3] البقرة:22

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست